197

Falsafar Ingilishi A Cikin Shekaru Dari (Sashi Na Farko)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

Nau'ikan

من المحال أن تكون هذه هي الواقع، وحتى لو كانت تنطوي على إشارة خافتة إلى العالم العيني الذي جردت منه، فلا يمكنها - عن طريق مضمونها وتركيبها الخاص - أن تجيب عن السؤال عن ماهية الطبيعة الحقيقية للعالم العيني، ففي ذلك الإطار التخطيطي الذي لا يتناول سوى نقاط متجانسة للقوة لا ترتبط فيما بينها إلا آليا، يكون من العبث أن يبحث المرء عن دلالة وقيم وغايات، ومن المستحيل أن يجدها.

ومن الواضح أن وورد - في نقده القاسي هذا للمذهب الآلي - قد أخفق في الاحتفاظ بتمييز العلم الطبيعي بما هو كذلك، والنظرة الطبيعية إلى العالم، التي تقوم عليه عادة ، وبذلك «أفرغ الطفل مع تفريغه مياه الحمام.» بل وحمل على التفكير العملي بمعناه الدقيق على أساس أنه أدى بالفعل، في كثير من الأحيان، إلى نتائج فلسفية مشكوك في صحتها إلى حد بعيد، وهذا يبدو غريبا، إذا أدركنا أن وورد نفسه قد بدأ حياته الأكاديمية عالما، واستخدم مناهج العلم بنجاح كبير. غير أن لهذه الغرابة دلالتها الخاصة، فقد تعين عليه أن يتخذ موقفا نقديا شديدا من وجهة النظر والمناهج المميزة للعلم الطبيعي، حتى يتمكن من أن يدخل في مجال الاهتمام الفلسفي ميدانا آخر للمعرفة كانت الفلسفة الإنجليزية حتى ذلك الحين تتجاهله تجاهلا غاشما، وأعني به التاريخ. ففي العلوم التاريخية، على عكس العلوم الطبيعية، نصادف كائنات فردية عينية، ينطبق عليها ما نعنيه بالحقائق، من حيث إنها تضع لنفسها غايات، وتحقق قيما وتكون جزءا لا يتجزأ من عينية الحياة وواقعيتها، ولقد كان وورد - مثل سورلي - مدينا بهذا الرأي للأبحاث التي قام بها هينريش ريكرت في مناهج المعرفة، وهي الأبحاث التي لا يبدو أن أي فيلسوف إنجليزي آخر قد أبدى بها أي اهتمام.

فلدينا إذن، داخل الوجود من حيث هو كل، تقابل حاد بين عالمين، فهناك من جهة الطبيعة، وعالم الحوادث الآلية، الذي يسوده الاطراد والضرورة التجريبية، وهو عالم من العموميات والتجريدات، ليس فيه مكان للأفراد العينيين أو للتلقائية والابتكار والقيم والغايات، ولدينا من جهة أخرى عالم القيم والغايات، عالم التاريخ، والعيني والفردي، الذي لا يكون الفعل الأخلاقي ممكنا إلا فيه، والذي تحل فيه الغرضية والحرية البشرية محل قيود العلية الآلية. غير أن هذا التمييز القاطع ينبغي ألا يؤخذ على أنه يعني انفصالهما التام؛ إذ يتضح من وجهة نظر أعلى أنهما منظوران جزئيان إلى عالم واحد، وينبغي بالتالي أن يجمعهما الفكر في وحدة، ومهمة الفلسفة هي كشف هذه الوحدة ، وكذلك تحديد أي وجهيها هو الأعمق والأشمل.

وكما هو المتوقع، فإن وورد قد جعل العالم الطبيعي مشتقا من العالم الروحي. ومن الأدلة على ذلك أن الطبيعة، عندما نواجهها بجهاز العلم العقلي، تجيب عن الأسئلة التي نوجهها إليها، وفي ذلك تحقيق لصحة الوسائل التي اصطنعها الإنسان للسيطرة عليها. وإذن فهلا يكون لنا الحق أن نستدل من ذكاء الروح الباحثة على ذكاء الطبيعة، أو على الأقل: على وجود مبدأ ذكي كامن فيها؟ وفضلا عن ذلك، فإن آخر أبحاث العلم قد أثبتت أن الحياة العضوية تمتد في العالم غير العضوي المزعوم أبعد مما اعتقدنا حتى الآن، وليس هناك ما يمنع من أن نكتشف للحياة حدودا أدنى من ذلك. مثل هذه الاعتبارات أدت بوورد في النهاية إلى افتراض أن الطبيعة حية وفردانية في جميع أرجائها. ويسمى وورد مذهب شمول النفس هذا باسم «الواحدية الروحية

spiritualistic Monism »، لكي يوضح بذلك تضادها المباشر مع الواحدية المادية عند اللاأدريين والتطوريين وغيرهم من أصحاب المذهب الطبيعي، فالطبيعة غائية في جميع أرجائها، وهي عالم من الغايات والطبيعة المطبوعة

nature naturals

هي في واقع الأمر الطبيعة الطابعة

nature naturals .

غير أن الواحدية الروحية ليست إلا موقفا عاما، وهي لا توضح شيئا عن الطريقة التي تصنع بها الأشياء على وجه التخصيص، أو عن مصدر هذه الأشياء وغايتها، أو عن قيمتها والغايات التي تستهدفها، وما إلى ذلك. وعلينا لكي نجيب عن هذه الأسئلة، أن نبدأ من جديد، ونسير، ونحن نفعل ذلك بطريقة «تجريبية من الأساس

radically empirical » (وقد استخدم وورد - مثل وليم جيمس - نفس هذا التعبير)، فإذا ما نظرنا إلى الواقع من وجهة النظر الجديدة هذه، ظهر لنا مباشرة في كثرة من المراكز المجربة التي تتصل فيما بينها اتصالا متبادلا، ويطلق وورد على هذه الوحدات اسم الذرات الروحية

Shafi da ba'a sani ba