147

Falsafar Ingilishi A Cikin Shekaru Dari (Sashi Na Farko)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

Nau'ikan

36

فهيجل، مثل كانت، يوجه كل خطوة من مذهبه إلى إثبات خلود النفس وحرية الإرادة ووجود الله.

ولقد كان لهذا المزج بين الفلسفة والدين أهمية عظمى في تقبل الإنجليز لهيجل، فلم تجتذبهم فلسفة هيجل إلا لأن من الممكن تسخيرها لخدمة اللاهوت، واستخدامها أداة لمحاربة المذاهب الطبيعية والمادية والداروينية، وانعقد الأمل عليها في إعادة منكري الدين، ولا سيما من ينتمون منهم إلى أوساط المتعلمين، إلى حظيرة الإيمان. ولقد كان النجاح الساحق الذي أحرزه كتاب سترلنج عن هيجل راجعا إلى أنه قد أخذ هذا الموقف في اعتباره، وكان طبيعيا أن يبلغ هذا النجاح ذروته بين الدوائر المتمسكة بالدين، ولكنه اكتسب أيضا تأييدا متحمسا من آخرين لم تكن تربطهم بالدين إلا صلات أقل قوة، مثل إمرسون وكارليل وجويت وجرين وإدوارد كيرد، بل أثار إعجاب هيجليين ألمان مثل ي. أ. إرمان، وروزنكر انتس، وأرنولد روجه

Arnold Ruge .

وتتوقف كل أهمية سترلنج في الحركة المثالية على حكم المرء على مؤلفه الأول «سر هيجل»، فرغم أن عمله في الكتابة الفلسفية، قد استمر حتى القرن الجديد، فإن واحدا من مؤلفاته الأخرى العديدة لم يكن يداني مؤلفه الأول في أهميته التاريخية وفي قوته وتعبيره الشخصي المباشر، سواء في ذلك مناوشاته النقدية مع هاملتن وهكسلي ودارون، وكتابه المدرسي الرائع عن كانت (وهو مواز لكتابه عن هيجل)، ومحاضراته في فلسفة القانون، ومحاضرات «جيفورد» التي ألقاها بأسلوب بلاغي مبالغ فيه، فقد ظل إلى النهاية هيجليا مخلصا. وهكذا استمر، حتى في كتابيه الأخيرين اللذين نشرا بعد أن تعدى الثمانين من عمره، يعرض فلسفة هيجل ويسعى إلى كسب أنصار لها.

كان ت. ه. جرين هو أنشط وأنجح من واصلوا بناء المثالية على الأسس التي وضعها سترلنج، فعلى حين أن الأخير - الذي لم يشغل أي منصب أكاديمي - لم يستطع أن يدعو إلى عالم الأفكار المكتشف حديثا إلا من خلال كتابات منشورة، فإن الأول قد تمكن من أن يضيف إلى ذلك وسائل أخرى لتحقيق نفس الهدف، هي التدريس والقدوة الشخصية، وسرعان ما كوفئ باستجابة حماسية، ليس فقط في أكسفورد، التي كان الاستعداد الذهني متوافرا فيها، بل في أماكن أخرى أيضا. فبفضل جرين، وليس قبله، بدأت المثالية الألمانية بحق رسالتها في الأرض الأنجلوسكسونية، وبفضله كسبت لنفسها وطنا ثانيا باقيا في بلد كانت فلسفته من قبل تغلق أبوابها بكل شدة في وجه المؤثرات الأجنبية، وتسير بإخلاص تام في أعقاب تراثها القومي الطويل. ولقد كان هو الذي فتح تلك الجبهة الفلسفية التي كانت الحراسة عليها قوية مشددة، ومنذ ذلك الحين لم يعد هناك حاجز يحول دون دخول الأفكار الجديدة بحرية.

وعندما بدأ جرين عمله العلمي في أكسفورد، بعد أواسط القرن الماضي بقليل، لم تكن تلك الجامعة المحترمة تضم أستاذا واحدا له شأن في الفلسفة. وكانت أكسفورد تقتفي في ميدان الفلسفة أثر جون ستيوارت مل، الذي كان الطلاب يقرءون مؤلفاته بحماسة، ولا سيما كتاب «المنطق». وكانت هذه المؤلفات - بالإضافة إلى مؤلفات أفلاطون وأرسطو المقررة دائما بطبيعة الحال - تكاد تكون هي وحدها المتحكمة في اتجاه أفكارهم، وكان أقوى ممثلي اللاهوت التقليدي في أيام تلمذة جرين هو مانسل

H. L. Mansel (الذي أصبح فيما بعد أسقفا لكاتدرائية سانت بول). وقد حاضر مانسل في الفلسفة في كلية «ماجدالين» كما حاضر فيما بعد بوصفه أستاذ كرسي وينفليت

Waynflete ، وأثار كتابه المبكر «حدود التفكير الديني

The Limits of Religions Thought » جدلا كثيرا. ولما كان من الأنصار المتحمسين لأفكار هاملتن، الذي كان قد توفي أخيرا، فقد أذاع آراء «كانت» في أكسفورد، ولكن ما أذاعه كان في الواقع الوجه السلبي لأفكار كانت، بوصفه لا أدريا في نظرية المعرفة. وهكذا لم يجد جرين في شبابه حافزا له في هذه المحاضرات (باستثناء الحافز الناجم عن المعارضة على الأرجح) ولم يجد فيها ما يعينه على تحقيق رسالته الفلسفية المقبلة، وإنما أتى الحافز من تلك الشخصية القوية التي ظلت تسيطر على الحياة العقلية في أكسفورد قرابة جيلين، وهي شخصية بنجامين جويت، الذي عين أستاذا للكرسي الملكي

Shafi da ba'a sani ba