Falsafar Ingilishi A Cikin Shekaru Dari (Sashi Na Farko)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Nau'ikan
ولقد اتخذ مارتينو نقطة بدايته من الوعي الفردي أو التجربة الباطنة التي تكون لنا على أساسها بصيرة مباشرة بالحقائق والصفات الأخلاقية. وهكذا فإنه يفترض مقدما حاسة أخلاقية أو ملكة أخلاقية خاصة تختلف أساسا عن كل ملكة أخرى (كملكة العقل أو الحس الجمالي).
وهو في هذه المسلمة الرئيسية يتفق أساسا مع بطلر وفكرته في الحاسة الأخلاقية، ونحن نطلق على هذا الموقف الأخلاقي اسم المذهب الحدسي، الذي يمكن أن يعد مارتينو واحدا من أهم ممثليه المحدثين. وإذن فالحقيقة الأخلاقية الأساسية إنما تكون في أن لدينا، بوصفنا بشرا، نزوعا لا يقاوم إلى استحسان أشياء معينة واستهجان أخرى، وإصدار أحكام مطابقة عليها.
وإنه لواضح على التو أن موضوعات تقديراتنا واستنكاراتنا الأخلاقية هي أشخاص لا أشياء، وهذا يؤدي إلى الحدس، الكامن من وراء كل فكرة أخرى، والقائل إن كل تقويماتنا الأخلاقية موجهة دائما إلى البواعث الباطنة للفعل لا إلى نتائجه الخارجية. والواقع أن مارتينو يركز اهتمامه كله على الباعث الباطن، بينما النتيجة الخارجية، مهما كان من خيريتها، لا تكون لها أبدا صلة بأخلاقية الفعل، وإنما ينبغي أن ينظر إليها فقط من حيث إنها علامة أو شاهد على البواعث الباطنة للفعل. فإذا كنا نعترف بالقيمة الأخلاقية للباعث على الفعل فقط، فمن الواضح أنه لا بد أن ينشأ كل حكم أخلاقي من ملاحظة بواعثنا الباطنة، وأن تكون جذوره متغلغلة في التجربة الباطنة أو الوعي الذاتي. وهذه هي نقطة البداية الوحيدة التي يمكننا منها أن نصل إلى أحكام تقويمية على سلوك الآخرين، إذ نطبق على هذا السلوك، بالتمثيل، نفس الإجراء الذي طبقناه من قبل على أنفسنا. وهكذا لا تتكشف الحياة الأخلاقية إلا في مجال الإرادة، وليس ثمة أفعال لها أي معنى بالنسبة إلى الأخلاق سوى الأفعال المنبعثة عن الإرادة.
ولكي يزيد مارتينو فكرته هذه إيضاحا، يميز بين «التلقائيات
spontaneities » و«الإرادات
volitions »، ففي السلوك التلقائي لا نكون عادة مدفوعين إلا بدافع واحد، أما السلوك الإرادي فينطوي على دافعين على الأقل، فوجود كثرة من البواعث الملزمة هو الشرط الأساسي للحكم الأخلاقي، ولا بد أيضا أن تظهر هذه البواعث في آن واحد، لا متعاقبة. غير أن الذات لا يمكن أن تقتصر على أن تكون الساحة التي تقتحمها البواعث وتتقاتل فيها على السيطرة، بل إن هذه البواعث إنما هي مجرد إمكانيات متاحة للذات، التي يكون لها وحدها البت فيما سيؤخذ به من بينها. فالذات لا بد أن تكون هي المسيطرة على البواعث الملزمة، لا خاضعة لها. والحكم الأخلاقي يتوقف قيامه أو سقوطه على وجود قدرة انتقائية لدى الذات، تمكنها من البت بين إمكانيتين أو أكثر، ومن هنا كان لا بد أن تتوافر الحرية للذات في اختيارها بين البواعث، «فإما أن تكون الإرادة الحرة حقيقة، وإما أن يكون الحكم الأخلاقي وهما.»
وتكون فكرة البحث في البواعث الأساس النفسي لمصادرة حرية الإرادة، فإذا كان للإرادة الحرية في الأخذ بهذا الباعث ورفض غيره، وإذا كانت لدى المرء، بالتالي، القدرة على التصرف في ظرف معين على نحو مخالف لذلك الذي تصرف عليه فعلا، فلا بد أن تواجهنا مسألة البحث فيما إذا كان ثمة نظام معين يمكن أن ترتب به البواعث، على نحو يبرر الأخذ بهذا الباعث أو ذاك في كل حالة خاصة. ويرى مارتينو أن مثل هذا النظام موجود، ففي وسعنا أن نتأمل بواعث الفعل من وجهتي نظر مختلفتين، تبعا لما في كل منهما من قوة كامنة من جهة، ومن سمو أو جدارة من جهة أخرى. وعندئذ نقول إن من يستسلم لأقوى الدوافع يسلك سلوك الحريص
prudent ، على حين أن من يطيع أسمى هذه الدوافع يسلك بدافع الواجب؛ إذ إن التقدير الأخلاقي يتوقف على قيمة الباعث، بينما يتوقف التقدير الحريص على قوته؛ لأن الأول في أساسه شامل ثابت ملزم للجميع، بينما الثاني فردي متغير تبعا للأشخاص والظروف.
ويعرض مارتينو بعد ذلك بالتفصيل نظرية في بواعث السلوك، فيصنفها ويعددها بدقة، تبعا لمبادئ في التقسيم مطبقة بطريقة منهجية. وهو يقوم بمحاولة رائعة لتفسير ميدان البحث هذا بأكمله وبكل نواحيه، ولبعث النظام والتناسق فيه. وهنا يصادف المرء كثيرا من الملاحظات النفسية العميقة، غير أن المناقشة تكشف أيضا عن نزوع واضح لصاحبها إلى التقسيمات والتصنيفات الشكلية؛ مما يؤدي في حالات كثيرة إلى التعسف في إدخال الظواهر في الإطار المنطقي. وهو يحتم هذا البحث بوضع سلم أخلاقي للقيم، نستطيع أن ندرك منه على الفور مكانة الباعث الذي يدفع إلى هذه القيم. وهو يشمل ثلاثة عشر مستوى، في أدناها توجد الانفعالات المسماة بالثانوية، كحب الانتقام
vindictiveness
Shafi da ba'a sani ba