Falsafar Ingilishi A Cikin Shekaru Dari (Sashi Na Farko)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
Nau'ikan
De la Certitude morale » (1880)، واستمد منه الكثير مما أعانه على بلورة آرائه الخاصة في هذا الموضوع. ولقد كانت لمشكلة اليقين الأخلاقي في نظر وورد، كما كانت في نظر أولى-لابرين، مكانة رئيسية، وكما أن هناك حقائق نظرية وميتافيزيقية ضرورية، فهناك أيضا استبصارات أخلاقية، لها يقين مطلق نظرا إلى وضوحها الذاتي الملزم. فأفكار الخير والشر والصواب والخطأ والفضيلة والرذيلة هي أفكار بسيطة تماما، ولا تقبل مزيدا من الترشيح أو التحليل. فكون خيانة صديقي شرا ينبغي استهجانه لذاته، هو بالنسبة إلي أمر له يقين حدسي محض، ولا يحتاج إلى مزيد من البحث، فهنا أعترف بحقيقة أخلاقية واضحة بذاتها، وبالتالي ضرورية. غير أن الوضوح الذاتي لمثل هذه اليقينيات الأخلاقية يلزمنا بالاعتراف بوضوح ذاتي ثان متضمن في الأول، وأعني به كون هذه اليقينيات ترجع في أساسها إلى وجود الله؛ ذلك لأن كون مصدر البديهيات الأخلاقية - أي استحسان الخير واستهجان الشر - هو كائن من نوع أعلى، هو بدوره مسألة بصيرة مباشرة، فجذور الأخلاقية ترجع إلى الله بوصفه المشرع الأعظم للمعايير الأخلاقية، وهي في الوقت ذاته أفضل برهان على ضرورته ووجوده.
وأخيرا، فإن هذا الموقف يلقي ضوءا ساطعا على مشكلة الحرية؛ ذلك لأن وورد، شأنه شأن معظم ممثلي الأخلاق الحدسية، يجهر بأنه من خصوم الحتمية، وهكذا يجد نفسه في هذه المسألة بدورها متخذا بطبيعته موقف المعارضة من المذهب التجريبي بنظرته الآلية والحتمية. ولقد كان الخصم الأكبر الذي اشتبك معه، في هذه الحالة أيضا، هو مل. ويرى وورد أن مشكلة حرية الإرادة تتوقف أساسا على مسألة كون الإنسان قادرا أو غير قادر على مقاومة نزعاته الإرادية الطبيعية. ويعتمد وورد، في الإجابة على هذا السؤال، على حقائق التجربة، وذلك على خلاف ما جرت عليه عادته. فهذه الحقائق تثبت أن الكائن الذي وهب عقلا يملك هذه القدرة بالفعل بدرجة كبيرة - أي إنه يستطيع أن يكبح جماح نفسه ويقاوم النزوع التلقائي لإرادته - وإنه بقدر ما تكون له هذه القدرة، تكون أفعاله حرة بحق، بغض النظر تماما عن كونه يمارس هذه القدرة في أية حالة خاصة أم لا. وهكذا يبدو أن في هذا الالتجاء البسيط إلى التجربة، الذي يصل مباشرة إلى لب المشكلة، برهانا كافيا على اللاحتمية. غير أن للمشكلة وجها آخر: فهي لا تنطوي فقط على الرأي السلبي القائل إن الإرادة «ليست» خاضعة للحتمية في كل أمر، وإنما تنطوي أيضا على الرأي الإيجابي القائل إن الإنسان ذاته مصدر أصيل للنزوع الإرادي أو علة للفعل الإرادي لها استقلالها الذاتي. وعند هذه النقطة تتشابك الخيوط التي تربط بين الأخلاق والدين، فليس هناك سوى منبعين أصيلين من هذا النوع، لتلك العلية التي لا تخضع لحتمية خارجية، هما الإرادة الإلهية والإرادة البشرية؛ إذ بينما يكون الله - بوصفه العلة القصوى والعليا - هو أصل كل حادث، وبالتالي أصل الإرادة البشرية بدورها، فإن النزوع الإرادي للإنسان لا يخضع مباشرة لحتمية الإرادة الإلهية. بل لقد جعلت قوة الله الخالقة من الإنسان مركزا للنزوع الإرادي قائما بذاته، وقد أضفى الله - بمحض اختيار - على مخلوقه تلك الحرية التي ينفرد بها وحده، فمنحه القدرة على إحداث الحوادث؛ وبذا يتسنى له أن يتحرر، في حدود معينة، من الارتباط بالله، ويسلك مستقلا عن الإرادة الإلهية. وهكذا فقد تخلى الله إلى درجة محدودة عن السيطرة على الإرادة والسلوك البشري، وإلى هذا الحد يكون الإنسان حرا، بمعنى أن لديه حرية الاختيار بين الصواب والخطأ، وبين الخير والشر. وهكذا نهتدي إلى حل طبيعي للنقيضة القائمة بين الأخلاق والدين، والتي تثيرها مشكلة الحرية، وهو حل يعترف اعترافا كاملا بالاستقلال الذاتي للعالم الأخلاقي، ولكنه في الوقت ذاته يربط بينه وبين القانون الإلهي.
ويجدر بنا في هذا الصدد أن نشير إلى فرانسيس وليام نيومان
Francis William Newman (1805-1897)، وهو الشقيق الأصغر للكردينال، الذي قال بآراء لا تختلف كثيرا عن آراء أخيه الشهير، وإن لم يكن قد انضم إلى حركة أكسفورد. ولقد كان فرانسيس نيومان كاتبا خصبا غزير التأليف، غير أن مزاجه كان مزاج الباحث الهادئ أكثر منه مزاج المناضل أو الزعيم في صراع ديني. وكان ضحية شتى أنواع الهواجس، فنسج حول نفسه عالما فكريا خاصا به، دون أن يشعر بالحاجة إلى أية زمالة فكرية مع الآخرين، ودون أن يكون متصفا بما كان يلهم أخاه من انفعال رفيع واقتناع عميق بإيمانه. ولقد كان فرانسيس أقل مكانة من أخيه، سواء في شخصيته ومن حيث عمق التفكير ووضوحه وصدق العزيمة وقوة الإيمان، وإنه لمن عدم التوفيق من جميع النواحي أن يوضع قبل شخصية الكردينال العظيمة، أو حتى أن يوضع إلى جانب «شيلر ماخر
Schleiermacher »
3 (كما فعل فليدرر
). وقد عرضت أهم آرائه الدينية والفلسفية في ثلاثة مؤلفات: في «النفس
The Soul » (1849)، وهو كتاب يتسم بالصدق والحساسية، ويفيض بالحماسة الصوفية في كل صفحاته، ثم «مراحل الإيمان
» وهو ترجمة ذاتية لحياته وصف فيها تلك الرحلة الروحية التي انتقل فيها من تعاليم المسيحية إلى مذهب ألوهي (theism)
منفصل عن جميع الارتباطات الكنسية الإيجابية، وهو مؤلف يوازي كتاب أخيه «دفاع عن حياتي»، وهناك أخيرا كتابه «الألوهية» مذهبيا وعمليا و
Shafi da ba'a sani ba