Falsafar Indiya: Gabatarwa Ta Gajeruwa
الفلسفة الهندية: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
من الناحية «الفلسفية» كل ما يفعله هذا المبدأ هو تحويل مركز الاستقصاء من الوجودية إلى الإبستيمولوجيا (نظرية المعرفة)، وهذا يعني أن بوذا أدخل في هذا المجتمع، الذي يزخر بتساؤلات ميتافيزيقية كثيرة ونظريات وجودية عميقة عن الذات والكون، زعما يقول إن كل ما يمكن للمرء الوصول إليه هو العملية المعرفية الذاتية للمرء؛ فالمرء لا يستطيع الخروج خارج هذا النطاق لرؤية أو للتحقق مما قد يكون الحال خارج نطاقه المعرفي، لكن يمكنه على الرغم من ذلك فهم آلية عمل ما يدور خارج نطاقه . وهذا يتضمن فهم دور الملكات المعرفية في تكوين طريقة إدراكنا للعالم من حولنا. وتشير النصوص إلى طريقة معالجة الملكات الإدراكية للشخص للبيانات «الخام» المتعلقة بالتجارب وتقسيمها إلى فئات مميزة ومنقحة ومتطورة إلى حد كبير، فالعملية برمتها تتضمن «تعديد الأشياء غير المتعددة في واقع الأمر» («أنجوتارا نيكايا»، المجلد 2).
العملية المعرفية
يحدث الإحساس البصري عند حدوث تواصل بين الوعي والعين والشيء المرئي، وبعد ذلك يصبح هذا الإحساس المبدئي مميزا ومتصورا ومتعددا. «ماجيما نيكايا»، المجلد 1، (فقرة معادة الصياغة)
ينطبق هذا النسق على السمع، والشم، والتذوق، واللمس والتفكير (تعترف البوذية وغيرها من مدارس الفكر الهندي بوجود ست حواس، من ضمنها حاسة متعلقة بالنشاط الذهني غير الحسي).
النشأة المعتمدة مرة أخرى «إن فهم النشأة المعتمدة يعني أن المرء «لن يطرح بعد ذلك» أسئلة عن وجود الذات أو الماضي أو المستقبل أو الحاضر من قبيل: هل الشيء موجود؟ أو هل الشيء غير موجود؟ أو ماذا يوجد؟ أو لماذا يوجد؟ أو هذا الشيء الذي على هذه الحالة، من أين أتى؟ وإلى أين سيذهب؟» «ساميوتا نيكايا»، المجلد 4، (فقرة معادة الصياغة بتصرف)
تتجلى نتيجتان من هذا التعليم، وهاتان النتيجتان لم تعبر عنهما النصوص على نحو صريح (في واقع الأمر، عبرت عن قدر قليل منهما على نحو صريح). إحدى هاتين النتيجتين هي أنه إذا كانت الملكات المعرفية الإدراكية هي ما تعالج كل البيانات التجريبية، فهذا إذن ما يكون منبت النشأة المعتمدة؛ أي إن كل ما يشهده المرء ينشأ على نحو اعتمادي في عمليات تجريبية ذاتية. وهذا لا يعني فحسب وجود ارتباط مباشر بين الذاتية والموضوعية، بل يعني أيضا أن السبب في كون ظواهر الوجود المتكررة التي تعتمد في نشأتها بعضها على بعض ظواهر غير دائمة هو الطبيعة التجريبية لتلك الظواهر. وكان مقدرا لهذه النتيجة أن تخضع لمزيد من التفسير والنقاش الكامل في البوذية المتأخرة، لا سيما في بوذية اليوجا كارا، لكن خلال الفترة المبكرة للبوذية ظلت هذه النتيجة مستترة التفاصيل إلى حد كبير.
أما النتيجة الثانية فتتمثل في أنه إذا كان التركيز يكمن في فهم طبيعة المعرفة خلافا لفهم طبيعة الأشياء، كما كان الأمر في السابق، بغض النظر عن ملكاتنا المعرفية، فهذا يعني أن لا شيء مما يعرفه المرء يمثل ذات المرء. وأيا كانت طبيعة المرء، ذلك الفاعل العارف، أو مكانته الوجودية فإنه لا يستطيع أن يجعل نفسه مفعولا به كي يعرف نفسه بنفسه؛ ولذلك نقرأ في السطر الأخير من الصيغة المعروفة باسم سمات الوجود الثلاث (الموضحة في المربع المذكور سابقا) ما يلي: «كل الأشياء الممكنة معرفتها («الداما») ليست هي الذات (أناتا).» وهذه النتيجة أيضا ظلت مستترة إلى حد كبير، وفي هذه الحالة، كان السبب يعود إلى المزاعم المناقضة التي كانت تقول إن مبدأ «أناتا» يقضي بعدم وجود الذات.
كان بوذا ناقدا لاذعا لآراء ومزاعم الآخرين في نواح كثيرة، فإذا كان مبدأ أناتا يقر بعدم وجود الذات، فهذا وحده سيكون متناقضا تماما مع مزاعم المجموعة البرهمية المسيطرة التي تتلقى تعاليمها من كتابات الأوبانيشاد على أقل تقدير. وفي واقع الأمر، لو كانت فحوى المبدأ أن لا شيء مما يعرفه المرء يمثل ذات المرء، إذن لقضى، إلى حد كبير، ليس فقط على معتقد المجموعة البرهمية المسيطرة، بل أيضا على الهدف نفسه من السعي كما تراه الغالبية العظمى من معاصريه. وعلى أية حال، فعند تعليم الآخرين معتقد النشأة المعتمدة، رفض بوذا كل المواقف الوجودية المختلفة التي تبناها الآخرون رفضا صريحا.
وعند استعراض السمات المختلفة لتعاليم بوذا، من المهم تذكر أنه في ذلك الوقت كان هدفه من إعطاء تعاليمه ورفض تعاليم الآخرين موجها تماما إلى مساعدة الآخرين في اكتساب الرؤية لتحقيق التحرر من تقلبات الوجود البشري. ولا يمكن للمرء قراءة النصوص البوذية القديمة دون أن يتذكر باستمرار هذا الهدف، كما أن تجاهله أو التغاضي عنه سيضر بالطريقة المحفوظة بها هذه التعاليم. لقد كان بوذا مهتما بتقليل نفوذ كهنة البرهمية، ليس لأنه تمنى تحقيق نصر فلسفي، بل لأنه رأى أن مزاعم أحقيتهم في احتكارية القيام بالطقوس والسلطة المطلقة تضر بصالح الناس. علاوة على ذلك، لقد اعتبر اعتمادهم على التقليد البرهمي في معرفة ما زعموا أنه طبيعة الأشياء بدلا من الاستفادة من فهمهم التجريبي المستقل الخاص؛ أمرا لا يعتمد عليه إلى حد كبير، لدرجة أنه يعد أمرا غير فعال بطبيعته؛ فهو لم ير أي سبب وجيه يلزم أي شخص بالإيمان بمبدأ قدمه شخص آخر لم يشهد مطلقا المزاعم التي يدعيها. واعترض بوذا أيضا على شعور الكهنة بأهميتهم الذاتية وعدم اهتمامهم بتحرر الآخرين. واعتبر بوذا كل الأنشطة الشعائرية التي كان يزاولها الكهنة عبثية، وقال إن آلية الفعل والنتيجة تكمن في الحالة الذهنية للمرء، ولا يمكن لأي شخص التحكم فيها سوى المرء نفسه. ورأى بوذا أن التركيز على تذكر الصيغ المقدسة بدقة وحجب اللغة المقدسة عن الآخرين يصرف الانتباه عن الحاجة إلى فهم نظام آليات الوجود ويوجهه نحو التفاصيل المتعلقة بالأصوات والصيغ المنطوقة، وأكد على أن المهم ليس الحرف بل الروح، وما يهم ليس التفاصيل بل الصورة الكلية، فليس المهم أن يحفظ المرء بل أن يفهم.
كان طابع النصوص البوذية القديمة طابعا «دينيا» ولم يكن تقليدا «فلسفيا»، وكانت الموضوعات التي تناولتها البوذية في تلك الفترة، والتي قد تهمنا فلسفيا على الصعيد الفكري، ذات طبيعة وجودية إلى حد كبير وليست اهتمامات مجردة. وفي واقع الأمر، كان من الممكن أن يشعر بوذا وأتباعه المباشرون، ومعاصروه الآخرون الباحثون عن الحقيقة، بالحيرة من أية محاولة تهدف ببساطة إلى وضع أفكارهم في قالب عقلاني. ورغم ذلك، فقد كان القرن الخامس قبل الميلاد هو البوتقة التي تشكلت فيها أفكار ومناهج كثير من مدارس الفكر المختلفة وتحددت على نحو واضح علاقاتها بعضها ببعض. علاوة على ذلك، بداية من ذلك القرن فصاعدا زادت الحاجة إلى مسوغات أكثر منهجية تبرهن على صحة ادعاءات المناهج الأكثر تأثيرا في ذلك المجتمع. وعلى الرغم من أن مجتمع القرن الخامس قبل الميلاد لم يكن يرى ضرورة لوجود أية تفسيرات رسمية للأسس النظرية للتعاليم المختلفة المتعددة، فإنه لم يمر وقت طويل حتى أصبحت التفسيرات الرسمية تتنافس فيما بينها على الأفضلية والقبول، وأصبحت الأمور التي كانت تعلم، إما بسبب توجيهات تقليد راسخ منذ فترة طويلة أو لمجرد أهداف خلاصية عملية، تتطلب صياغات وتفسيرات أكاديمية ونظرية إلى حد كبير.
Shafi da ba'a sani ba