l’autorité ، معتبرة أن هذه الأزمة ليست قدرا وجوديا محتوما، وإنما هي نتيجة لنسيان الاختلاف الأنطولوجي بين الوجود والموجود، إلا أنها على عكس هايديجر
Heidegger
تحاول أن تبرر البعد السياسي المأزوم للعصر الحديث بانعدام (غياب) التفكير أو العوز في الفكر الذي يسم هذا العصر، وهو ما يمكن تجاوزه بالتفكير في «ما فعله الإنسان» أي في نشاطه وفعله
Vita Activa . فإذا تميز القرن الأخير بالعنف نتيجة التحكم الكلياني في المجتمع بفعل صعود الأنظمة التوتاليتارية واستيلاء الأيديولوجيات الأحادية على العقول فإن ذلك سيعمق من أزمة الفكر.
لم تسائل آرنت تاريخ الغرب كتاريخ لنسيان الوجود كما فعل هايديجر ولا باعتباره تاريخ قلب الأفلاطونية، بل باعتباره تاريخا تبلور فيه نسيان الماهية السياسية للإنسان؛ لأن صعود الأنظمة التوتاليتارية شكل بالنسبة لها ظاهرة جديدة غير مسبوقة في تاريخ الإنسانية حيث تقول: «إن هذه الأزمة التي اتضحت معالمها منذ بداية القرن، إنما هي أزمة ذات أصل وطبيعة سياسية. فتصاعد الحركات السياسية الرامية إلى الحلول محل نظام الأحزاب، وتطور شكل توتاليتاري جديد لممارسة الحكم، إنما يقف خلفه انهيار، تختلف درجة عموميته ومأساويته لكل السلطات التقليدية.»
20
تنطلق آرنت في مقدمة كتابها «حياة الروح» من سؤال في غاية الأهمية لمقاربة نقدها للشر الجذري، ويتعلق الأمر بما إذا كانت مشكلة الشر والخير أو ملكة تمييز ما هو خير مما هو سيئ متصلة (أو ذات علاقة) بملكة تفكيرنا.
21
بغية بيان أن ملكة الحكم لا تنفصل بتاتا عن ملكة التفكير، وهو الأمر الذي يتعارض وتحليل كانط في «نقد ملكة الحكم» وفي «نقد العقل العملي»، حيث الإرادة سابقة لكل تفكير، مما قاده إلى اعتبار الخطيئة تعبيرا عن غياب العقل؛ لأنه لم يتشكل بعد، أي إن الفعل هنا خارج أية مسئولية؛ لأن هذه الأخيرة لا تحضر إلا بحضور ملكة التفكير. وبذلك يظل الحكم كيفما كان نوعه مرتبطا أساسا بالنفعية المبتغاة منه وخاصة في الأحكام الذاتية، وهذا ما نجد فيه تناقضا حول طبيعة الحكم (وتحديدا الحكم الجمالي: فكيف يتحقق مبدأ النفعية في الأحكام الذاتية ويغيب في الأحكام الموضوعية؟) إذا كان الحكم الكانطي (وأساسا الذاتي) مرتبطا بالمنفعة فإن التفكير لا تحكمه أية غائية؛ لأن التفكير بحسب آرنت يتحول إلى شيء في ذاته؛ لذلك تقصد بغياب الفكر، أو غياب التفكير نشاط الفكر في ذاته،
22
Shafi da ba'a sani ba