69

Falsafar Mata

الفلسفة بصيغة المؤنث

Nau'ikan

وهو منظور يختلف عن المنظور الثالث، ويؤكد على أن إسرائيل الكبرى يمكن أن تضم أراضي فلسطينية وتحكمها اتفاقات اقتصادية من الطرفين بموجب مناطق التبادل الحر والنمو الاقتصادي. على الأقل منذ مبادرة السلام التي أطلقها إسحاق رابين واتفاقات كامب ديفيد، ويمثل حل «الدولتين» السياسة الرسمية للحكومة الإسرائيلية والأمريكية. رغم أنه مجرد حل متناقض، يخفي في كثير من الأحيان دلالات في الوعي العام.

حل الدولتين مقبول على نطاق واسع، ليس لأنه يضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وحسب، وإنما لأنه يعد ب «فك الارتباط الديموغرافي». فجأة يقدم الديموغرافيون، السياسيون المزيفون، الذين يخفون تفكيرهم العنصري، حججا ترى أن استمرار إسرائيل في احتلال غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، سيضمن التحكم العسكري في 5 ملايين من الفلسطينيين العرب، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل منذ 1967. ونظرا لارتفاع معدل الولادات في صفوف الفلسطينيين، ساد الشعور بأن الطبيعة اليهودية لإسرائيل مهددة إذا انسحبت من قطاع غزة، خاصة إذا لم تسير حماس بعضا من أراضيها. في الواقع ثمة كوابيس من أن يصبح اليهود أقلية داخل دولة إسرائيل التي أسسوها بأنفسهم خوفا من ألا يصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية، محتقرين، مستغلين، ومفترى عليهم، ويمكن قتلهم بالجملة. وفجأة عادت إلى الظهور في اللاشعور اليهودي أشباح مذبحة اليهود القوزاق في معسكرات الإبادة النازية؛ لذلك فأن يشكل اليهود أغلبية من سكان إسرائيل بموجب اتفاق كامب ديفيد «دولتان جنبا إلى جنب» يبعد عنهم هذا الكابوس.

لذلك لم يقبل العديد من خبراء إسرائيل والعديد من المواطنين الإسرائيليين هذه الرؤية منذ 1967.

العملية العسكرية الحالية على غزة تحمل عناصر الخطابات السياسية الأربعة - الحرب الدائمة، حل الدولتين، إسرائيل دينية كبرى، إسرائيل علمانية كبرى - ولهذا السبب لم تكن متناسقة في أهدافها: هل تريد إسرائيل احتلال غزة من جديد وبناء مزارع بلاستيكية لتدميرها من جديد؟ هل تريد إسرائيل تدمير حماس ومؤسساتها المدنية والعسكرية بالمرة وتغادر غزة آملة حل الدولتين الذي لا يمكن احتمالا تحقيقه؟ هل تريد إسرائيل احتلال غزة وتعرض فيالقها العسكرية لمخاطر كبرى، وارتكاب جرائم حرب محتملة ضد الشعب الفلسطيني؟ شخصيا لست واثقة من أي شيء. (4-3) على شاكلة الصين والتبت؟

هل هناك بدائل سياسية حقيقية في ظل الوضع الحالي غير الاستراتيجيات العسكرية التي تتخذ كرؤى سياسية؟ هناك داخل إسرائيل حركة لفصل المواطنة الإسرائيلية عن الهوية اليهودية الدينية-الإثنية، يسمح بأن تصبح إسرائيل أرضا لكل المواطنين. وهذا من شأنه أن يتنصل جزئيا أو كليا من قانون حق العودة، الذي يعطي الحق في المواطنة الإسرائيلية لكل يهودي تعترف به السلطة الحاخامية كيفما كانت. وإلى عهد قريب لم يتم إصلاح قانون المواطنة الإسرائيلي والعديد من العمال المهاجرين وأبنائهم، فضلا عن أن الشركاء غير اليهود وزوجاتهم لا يستطيعون الحصول على الجنسية الإسرائيلية.

صار من سخرية القدر في العقد الأخير من السهل بالنسبة للروس، الذين يدعون أنهم يهود، الحصول على الجنسية، على عكس عربي-فلسطيني ولد ونشأ في القدس الشرقية؛ لأنه يعتبر (أو تعتبر) خطرا على الأمن، ولأن وضعية القدس الشرقية تعتبر لغزا وفق مصطلحات الاتفاقات الدولية.

ينبغي أن يتأسس كل نقاش سياسي جدي يتعلق بإسرائيل وفلسطين، على مبدأ أن القوة العسكرية ليست إلا ردعا، ردعا مشكوكا فيه يوما عن يوم على وجه اليقين، وأن ليس الأسلحة هي من يصنع السلام وإنما البشر؛ فالسلام هو الصالح العام، وإسرائيل قريبة من النموذج الويستفالي للسيادة المنقرض، الذي يفترض أن الدول قادرة على مراقبة كل حي أو ميت داخل حدودها. ومعظم الديمقراطيات المتقدمة تعرف أنه نموذج متجاوز أخلاقيا وتجريبيا؛ فالسيادة هي مجرد حصة، مجموعة من امتيازات وصلاحيات موكولة للدولة ويمكن تقاسمها، وتفويضها، والتعاقد عليها مع مجموعات أخرى وسلط أخرى.

العديد من المسئولين الإسرائيليين يعرفون بأنهم لن يسمحوا أبدا بسيادة كاملة للفلسطينيين على مجالهم الجوي، سواء في غزة أو في الضفة الغربية، ولا على التنقل الحر للبضائع في الموانئ أو خارجها، ولا على احتياطات المياه الجوفية الممتدة على جانبي الحدود، فلماذا إذن ندعي أن الدولة الفلسطينية سيادية وستصبح سيادية بالمعنى الذي تحب إسرائيل أن تراها سيادية؟ الحقيقة البسيطة والمحزنة هي أن دولة فلسطينية من هذا النوع ستظل على الدوام مراقبة ومتحكما فيها، وستضربها إسرائيل بين الفينة والأخرى. إنه واقع الحال تحديدا؛ لأن العديد من أنصار حل الدولتين يعرفون بأن العلاقات المستقبلية مع الدولة الفلسطينية ستكون شبيهة ليس بالعلاقات القائمة بين إيطاليا والنمسا، ولكنها أكثر شبها بعلاقات الصين مع التبت وبعلاقات الهند مع كشمير. (4-4) لنتخيل كونفدرالية

لنحلم للحظة، لنفترض أن هناك بين إسرائيل وفلسطين كونفدرالية، لنفترض أن تحييد جماعات من مثل حماس وحزب الله التي لا تعترف بوجود إسرائيل، هو هدف مشترك للفلسطينيين وللدول العربية الأخرى، ولكن لو أن حماس اعترفت بحق وجود إسرائيل، فسيكون لها مقعد على الطاولة، لنفترض أن هناك رقابة مشتركة على الأجواء، وعلى الطرقات البحرية والمياه التي تمارسها سلطات إسرائيل وفلسطين، لنفترض أن هناك عملة مشتركة وحقوق الاستقرار القانونية لكل مجموعة إثنية داخل مناطق من الأراضي المشتركة.

فإسرائيل لن تلجأ إلى حرب مدنية ضد المستوطنين المتعصبين في الخليل وفي الضفة الغربية، الذين سيجبرون على العيش تحت سلطة فلسطينية بلدية جهوية أو الدخول إلى إسرائيل.

Shafi da ba'a sani ba