هل تركيا اليوم متدينة أكثر من سنوات الستينيات لما كنت صغيرة؟
س. ب :
لا أعتقد ذلك. ما حصل في الواقع هو أن التدين بان أكثر في الفضاء العمومي ويعبر عنه بشكل منفتح. النموذج الذي كبرت فيه - بحسب النموذج الذي وضعه أتاتورك - يعتبر الدين شأنا خاصا، أي إن الدين مقصي من النظام التعليمي ومن الفضاء العمومي، ومن السياسة أولا وبطبيعة الحال. لقد تغيرت هذه الوضعية بشكل جذري، وخاصة مع بداية الثمانينيات؛ حيث بدأت الأمور تتغير شيئا فشيئا. ومما لا شك فيه أن هناك انتعاشة عالمية للتعبدات الإسلامية. ولا أعتقد شخصيا أن حضور الإسلام في الفضاء العام يتعلق بالضرورة بزيادة التدين في صفوف الساكنة؛ إن ما تغير هو مستوى الرؤية.
د. ك. ب :
ألا تشكل سرعة وعنف سياسات أتاتورك تجاه الدين سببا غير بعيد في عودة الإسلام إلى الفضاء العمومي؟
س. ب :
جيد، تحدث هربرت ماركيوز عن «عودة المكبوت». ليس بعيدا تفسير عودة الإسلام في تركيا بعودة المكبوت. ولكن لا أظن أن هذا ينطبق على الموضوع؛ لأن ما نشاهده هو ظاهرة عالمية حولت الإسلام. فالإسلام الذي واجهه أتاتورك هو إسلام الخلافة؛ فالسلطان في إمارة عثمان، كان خليفة لجماعة مسلمة سنية (فيما يشبه البابا عند الكاثوليكيين). ومع انهيار الإمبراطورية العثمانية، فقد السلاطين هذه الوظيفة وهذه الصفة، والتي تحولت فيما أعتقد في مصر إلى «شيخ الإسلام»، الزعيم الديني الرئيسي للمسلمين السنيين.
يمثل هذا النوع من الإسلام خليطا من المذاهب الدينية والتسيير السياسي. تقرب أتاتورك من المؤسسات التعليمية غير العلمانية. بحيث كانت كل تلك المؤسسات - أو على الأقل معظمها - في ظل النظام الإمبراطوري في قبضة التنظيمات الدينية، كما كانت هناك خلايا تنظيمات سرية داخل أجهزة الدولة.
ويجب التمييز بين هذا النوع من دين الدولة وبين الدين التقليدي لعامة الناس. فالفلاحون على سبيل المثال لهم أشكالهم الخاصة في التدين، وما كان يواجه أتاتورك هو هذا الزواج بين الدين والإمبراطورية. أما ما يحدث اليوم فهو عودة/يقظة الإسلام عالميا، التي ساهمت فيها آثار العولمة وأزمة الدولة-الأمة.
د. ك. ب :
Shafi da ba'a sani ba