Falsafar Nau'o'i da Matsaloli

Fuad Zakariyya d. 1431 AH
152

Falsafar Nau'o'i da Matsaloli

الفلسفة أنواعها ومشكلاتها

Nau'ikan

ولقد أخذت تتزايد على الدوام، خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر صعوبة مسايرة الأخلاق التقليدية - التي كانت تلتزم عادة بالبحث عن مذهب واحد، ثابت على مر الزمان، للقيم - للنتائج النسبية الواضحة التي ترتبت على الكشوف الأنثروبولوجية. فكلما ازدادت الوقائع الأنثروبولوجية تراكما، أصبحت مهمة تفسير ذلك التنوع الهائل للمعايير الأخلاقية على أساس مفهوم واحد للخير أصعب إلى حد يبعث على اليأس. حتى ظهر بوضوح في أوائل هذا القرن أن من الضروري النظر إلى المشكلة بأسرها من زاوية جديدة. وكان السؤال الذي يتعين البحث عن إجابة له هو في أساسه: هل يمكن أن تبنى الأخلاق، أو أية نظرية في القيمة، على العلم - ولا سيما العلم الطبيعي. أم أن عالم القيم مجال لا يستطيع المنهج العلمي أن يغزوه أو أن يسهم فيه بأي نصيب مفيد؟ وبالاختصار، فهل تكون تقويمات الإنسان وأحكامه المعيارية عالما متميزا تماما، لا صلة له ببقية تجربته؟

والواقع أن الموقف الذي أصبح يواجهه المفكرون الأخلاقيون كان شبيها بذلك الذي واجهه الدين منذ ظهور العلم، ولا سيما منذ فترة النمو الهائل للمعرفة العلمية خلال الأعوام المائة الأخيرة. فقد اضطر المفكرون الدينيون - وبخاصة أولئك الذين كانوا مسئولين عن اتخاذ القرارات العقيدية - إلى الاختيار بين أمرين؛ فهل ينبغي عليهم أن يظلوا يتقبلون هذه المعرفة الجديدة بمجرد الإعلان عنها، والتوفيق بينها وبين العقيدة الدينية على نحو ما، حتى ولو كان ذلك مقابل تخفيف هذه العقيدة إلى حد تصبح معه أوجه الشبه بينها وبين المذهب المسيحي كما عرفته الأجيال السابقة ضئيلة للغاية؟ أم أن من واجبهم، على العكس من ذلك، أن يتمسكوا بموقف الدين ويتجاهلوا الكشف العلمي، بل يفندوه؟ الواقع أن هذا الاختيار كان عسيرا بحق. وفي أمريكا سلكت الجماعات البروتستانتية المتحررة الطريق الأول، والجماعات المتمسكة بالعقيدة الأساسية

Fundamentalists

الطريق الثاني، غير أن ثمن كل اختيار كان باهظا إلى حد يصعب معه أحيانا على من يتأمل الأمور من الخارج أن يقرر أيهما كان يؤدي إلى خسارة في الهيبة والنزاهة العقلية أكبر مما يؤدي إليه الآخر.

وهكذا الحال في التفكير الأخلاقي في القرن الحالي؛ فهل يجب على الأخلاق ونظرية القيم أن تبذل جهدا مستمرا للانتفاع من المعرفة العملية، ولا سيما الأنثروبولوجيا وعلم النفس؟ أم أن عليها أن تتجاهل العلم على أساس أنه لا صلة له بمشكلتي «الخير» و«الحق»؟ إن أهم انقسام رئيسي في الأخلاق المعاصرة هو ذلك الذي يترتب على الإجابات المتعارضة عن هذا السؤال العظيم الأهمية. وعلى حين أن في علم الأخلاق المعاصر بالطبع مدارس متعددة، كما كانت الحال في الماضي، فإن هذه المدارس في عمومها تتبلور حول هذين القطبين الرئيسيين للتفكير الأخلاقي. ولو استطعنا أن نكون صورة واضحة عن هذا الاستقطاب الأساسي، لأمكننا تبديد كثير من الغموض والنزاع الناشب في هذا الميدان. (2) «مغالطة المذهب الطبيعي»

يمكن القول بأن ج. أ. مور، الفيلسوف الإنجليزي الذي أسهم بالكثير في فروع متعددة من الفلسفة المعاصرة، هو المفكر الذي يرجع إليه الفضل أكثر من غيره في إيضاح معالم هذا الخلاف. ففي كتابه «مبادئ علم الأخلاق

»، الذي هو دون شك الكتاب الذي أثار أكبر قدر من المناقشات في علم الأخلاق الحديث، يعرض الرأي القائل إن القيم الكامنة أو الباطنة تتميز بأنها (1) فريدة على نحو مطلق، (2) وغير قابلة للتعريف، (3) وتدرك بالحدس. ثم اتهم المفكرين الذين لا يقبلون هذه القيم على أنها فريدة غير قابلة للتعريف ومعروفة بالحدس «بمغالطة المذهب الطبيعي

Naturalistic Fallacy » ولقد ظل تأكيد هذه «المغالطة» ونفيها، طوال عشرات متعددة من السنين في الآونة الأخيرة هو المحور الذي تدور حوله الخلافات في علم الأخلاق، بحيث إن فهم هذه المغالطة يعد مدخلا معقولا إلى فهم الأخلاق المعاصرة.

طبيعة القيمة الكامنة : استخدمنا في عدة مواضع من الفصول السابقة اللفظ المنطقي «فريدا في نوعه» للتعبير عن شيء يكون فئة قائمة بذاتها، أعني شيئا لا يندرج تحت هذه الفئة أو تلك، ولا يمكن بأي حال تصنيفه تحت باب آخر. ويرى الموقف الأخلاقي الذي نبحثه الآن - الذي يمثله «مور»، أن أوضح مثال لما هو «فريد في نوعه» يوجد في عالم القيم. فهذه النظرية، في صميمها، تقول إن «القيمة» أو «الخيرية» فريدة بمعنى الكلمة، فهي ليست اسما آخر لشيء غيرها، «كاللذة» أو «السعادة». و«الخير» (حتى لو لم يؤخذ بمعنى شامل) متميز تماما عن كل ما يمكننا معرفته عداه. ونحن لا نسمي الأشياء «خيرة» لأنها تتصف بصفات معينة يمكن أن توجد أيضا في أشياء مفتقرة إلى الخيرية؛ أي إن الخيرية ليست مجموع صفات طبيعية أو وصفية، وليس ثمة وسيلة لاستخلاص الخيرية من صفات طبيعية بالتجريد أو التخليص. وهكذا نصل إلى أول تعبير محدد المعالم عن مغالطة المذهب الطبيعي التي سنعرفها بألفاظ مور ذاتها: «مغالطة المذهب الطبيعي هي القول بأن الخير لا يعني إلا فكرة بسيطة أو معقدة يمكن تعريفها على أساس صفات طبيعية».

1

Shafi da ba'a sani ba