Falsafar Nau'o'i da Matsaloli
الفلسفة أنواعها ومشكلاتها
Nau'ikan
إنما نقوم بنشاط من أهم أوجه النشاط العقلي عند الإنسان وأكثرها شيوعا. وعلى الرغم من أننا قد لا نكون منحازين عن وعي لأية نظرية من النظريات المتعددة في القيمة، التي سنعرض لها بعد قليل، فلا تكاد توجد لحظة واحدة من لحظات حياتنا اليقظة. لا نجد فيها أنفسنا قائمين بإصدار حكم كهذا، أو بعمل شيء نحقق به حكما سبق لنا إصداره. والواقع أن معظم القرارات التي نتخذها في حياتنا، حتى القرارات التافهة، تمثل أحكاما تقويمية صريحة أو ضمنية، فمعظم القرارات مبنية على أحكامنا على أشياء معينة بأنها طيبة أو رديئة، مرغوب فيها أو غير مرغوب فيها. وحتى عندما نستخدم اللفظ الأساسي في التقويم، وهو اللفظ «خير»، على أنحاء متباينة، كما في قولنا «العدالة خير» و«حفلة الأمس خير من حفلة اليوم»، فإن مضموناته المعيارية أو التقويمية تظل موجودة. ومن هنا لم يكن من المستغرب أن نجد الفيلسوف يبدي كل هذا الاهتمام بمشكلة الخير.
رأيان في طبيعة الإلزام : وصفنا من قبل مشكلة الإلزام بأنها تبدو أقرب إلى الطابع العملي المباشر من مشكلة «الخير»، غير أن مفهوم الإلزام بأسره أصعب مما يتوقعه المبتدئ في دراسة الفلسفة. والواقع أننا لو كنا نعني «بالإلزام» أو الوجوب
Ought ، حالة مشروطة فحسب، لما انطوى الأمر على صعوبة خاصة. ذلك لأنه لو كان كل ما نعنيه هو أنك إذا أردت تحقيق غايات معينة، فعندئذ يجب عليك أن تفعل كذا وكذا، لكانت المشكلة التي أمامنا مشكلة بسيطة تتعلق بالوسائل والغايات. ولكن الذي يحدث في كثير من الأحيان هو أننا نستخدم معنى «الوجوب» بمعنى غير مشروط، فنقول «ينبغي لك أن تؤدي واجبك!» - لا لأنك تسعى إلى إرضاء المجتمع، أو إرضاء ضميرك، أو زيادة في مرتبك، بل لمجرد كون المسألة متعلقة بالتزام أخلاقي. فضلا عن ذلك، فينبغي عليك أداء الواجب بغض النظر عن أية منافع أو أضرار شخصية قد تنجم عنه.
فعندما تستخدم كلمة الإلزام بهذا المعنى المطلق غير المشروط، نجد أنفسنا على الفور إزاء مشكلة من أعقد مشكلات الفلسفة. ذلك لأن في وسع الشكاك دائما أن يتساءل: «لماذا كان ينبغي علي أن أقوم بواجبي، وبخاصة عندما لا تكون في ذلك راحتي؟» أما بالنسبة إلى الفيلسوف، فلا يكفي أن نرد عليه بقولنا «هذا ما ينبغي لك عمله، لا أكثر ولا أقل». فلا بد للشخص المفكر أن يواجه، عاجلا أو آجلا، تلك المشكلة التي هي أصعب المشكلات الأخلاقية جميعا، وأعني بها: من أين تأتي قوة الإلزام الخلقي؟ أو كما يصوغها البعض: من أين تأتي «وجوبية» الواجب؟ إن أي إلزام يتضمن ضرورة قيام شخص ما بعمل شيء ما. فما مصدر هذه الضرورة؟
في هذا الفصل، والفصل التالي، سوف نبحث في هذه الأوجه المتعددة للمشكلة الأخلاقية. ومن واجبنا أن نتذكر، ونحن ماضون في بحثنا، أنه، مهما يكن مقدار تعقد المشكلات، أو مدى الطابع النظري الذي ستتخذه المناقشة، فإن محاولتنا ستنصب على الإجابة عن أهم المشكلات العملية للإنسان وأعمقها وأشملها، وأعني بها: ما «الحياة الخيرة»؟ ومن سوء الحظ أنه ليس من الممكن الإتيان بإجابة لهذا السؤال تبلغ من البساطة حدا يعادل ما له من أهمية. ولكن لما كان الأمر هنا متعلقا بتلك المشكلة الأساسية؛ أعني مشكلة ما ينبغي أن نصنعه بحياتنا، فليس لنا أن نتوقع أن نهتدي إلى إجابة واحدة بسيطة عليها. (2) ما مركز «الخير» في الكون؟
إن أول خلاف رئيسي يثار حول مشكلة «الخير» أو «القيمة» هو الخلاف المتعلق بمركز الخير؛ فهل للخير وجود موضوعي مطلق؟ وهل هناك «خير» بالمعنى العام، أم هو دائما نسبي تبعا لرضا فرد معين أو تفضيله؟ وهل هناك أحكام تقويمية شاملة، تسري على كل الناس في كل مكان؟ وهل هناك شيء ينعقد إجماع الناس كلهم، بغض النظر عن زمانهم أو مكانهم أو جنسهم أو حضارتهم، على وصفه «بالخير»؟ أم أن لكل شخص، في نهاية الأمر، نظرا فرديا، وربما مزيدا، من القيم؟ إن كل شخص يبدو أنه يحدد، عن وعي أو دون وعي، ما يعده ذا قيمة في العالم، وما يود أن يقضي حياته محاولا بلوغه. فهل هناك أية معايير موضوعية نستطيع أن نحكم بها على نظام القيم هذا الذي تنطوي عليه أفعاله؟ أم أن عبارته المجردة «إنني أجد س خيرا» هي الكلمة الأخيرة التي يمكن أن تقال في الموضوع؟
الرأي التقليدي : كان الاعتقاد بأن القيم الموضوعية، توجد خارج أذهاننا بوصفها جزءا من الكون، هو الرأي السائد في الفكر الغربي؛ ولذا فسوف نبدأ ببحثه. ويبدأ أنصار هذا الرأي برهانهم على موقفهم بأن يشيروا إلى أن بعض القيم تبدو موجودة بالنسبة إلى جميع الأشخاص، ومهما تفاوتت هذه القيم في البداية، فإن زيادة التعود والتفكير النقدي تؤدي إلى تقريبها رويدا رويدا نحو معيار مشترك. فالأشخاص الذين لهم مستوى ثقافي أو حضاري متقارب، يتفقون فيما بينهم اتفاقا أساسيا حول الأفعال التي تعد خيرة والأشياء التي تعد قيمة، حتى ولو كانت تفصل بينهم أوسع المسافات أو أطول العهود الزمنية. وثانيا، يلاحظ أن هناك في كثير من الأحيان اتفاقا ضمنيا من وراء الفروق الظاهرية يفوق ما يتصوره الكثيرون. ولنضرب لذلك مثلا:
1
فقناصة الرءوس في بورنيو يبدون خاضعين لنظام أخلاقي متناقض تماما مع النظام الذي يخضع له أحد أفراد مذهب «الكويكرز» (المرتعدين) المسيحي. ولكن لو فكر الهمجي في السبب الذي يجعل قتل عدوه «خيرا» لكان من الأمور شبه المحتومة أن يصل إلى أن قيمة هذا الفعل ترتكز على كونه يساعد على تقوية أواصر الوحدة القبلية، التي تقتضيها ظروف الحياة القبلية عادة. وهكذا يكون هذا الفعل إسهاما في الخير المشترك للجماعة، ما دام يؤدي إلى تحقيق مبدأ أخلاقي مثل «مراعاة مصلحة القبيلة خير». أما الشخص المنتمي إلى جماعة «الكويكرز» فإنه يحكم على نفس الفعل الخاص بأنه شر، غير أن أساس حكمه أو مبدئه واحد - وأعني به مراعاة مصلحة الجماعة. ولا شك أن الفارق بينهما يكمن في مدى مفهوم «الجماعة» أو نطاقه. فهو بالنسبة إلى الهمجي يعني قبيلة صغيرة، على حين أنه بالنسبة إلى «الكويكرز» أو من يؤمن بالمجتمع الدولي، قد يكون هو الجنس البشري كله. وهكذا ينطوي الحكمان معا على أساس أخلاقي واحد مشترك، مهما يكن اختلاف الأساس السوسيولوجي (المتعلق بعلم الاجتماع). فكلاهما يجعل القيمة في مصلحة المجموع، وكلاهما يسعى إلى تحقيقها.
ويعتقد المؤمن بالنظرية الموضوعية في القيمة أن التحليل الكافي يمكن أن يكشف عن هوية مماثلة للمبادئ الأخلاقية، تكمن من وراء كل اختلافات السلوك. وهكذا نجد «جوشيا رويس
Shafi da ba'a sani ba