Falsafar Jamus: Gabatarwa Mai Gajarta
الفلسفة الألمانية: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
بعيدا ... عن الإنسان وفاعليته التي تجعل العالم قابلا للفهم، فإن الإنسان نفسه هو الأكثر استعصاء على الفهم، وهو ما يدفعني باستمرار إلى القول بتعاسة كل الوجود ... إنه - أي الإنسان - يدفعني بدقة إلى السؤال اليائس الأخير: لماذا يوجد أي شيء من الأساس؟ ولماذا لا يوجد عدم؟
إنه يظن أن محاولة هيجل لحل مشكلات الفلسفة الحديثة من حيث الكيفية التي بها يتمكن «الإنسان وفاعليته من جعل العالم مفهوما» تخفق في مجابهة التنافر بين الفكر والوجود الذي يمتد إلى صميم محاولاتنا لفهم أنفسنا. وهذا الشعور بالتنافر يقود شيلينج إلى تأملات جديدة عن كيفية اتصال الفلسفة بأشكال التفكير الميثولوجي السابقة على الفلسفة، وعن علاقة الفلسفة بالدين.
هيجل
شكل : جورج فيلهيلم فريدريش هيجل.
2
يشتهر هيجل بدعاوى من قبيل «الواقعي هو العقلاني»، والتي يبدو أنها توحي بعدم وجود أساس فلسفي للشك في مدى تشكل العالم على نحو عقلاني، كما أنها تخالف على نحو صادم التأكيدات المقتبسة توا من شيلينج. وقادت هذه الدعاوى كارل ماركس وآخرين إلى رؤية هيجل على أنه مدافع عن واقع سياسي غير عادل في ألمانيا التي كانت لا تزال إقطاعية. وقد كان شيلينج وهيجل صديقين حتى اختلفا قبيل وقت نشر هيجل لكتابه «فينومنولوجيا العقل/الروح» (حيث يمكن ترجمة الكلمة الألمانية
Geist
على كلا الوجهين بناء على السياق) عام 1807. فكيف اختلفا في تقييماتهما لقدرة الفلسفة على فهم العالم الحديث؟ إحدى الطرق للإجابة عن هذا تكون من خلال السؤال عن «الحدس» وعلاقته بمذهب الشك؛ فبينما يسعى العلم الحديث إلى ترسيخ نفسه، يتضح أن كثيرا جدا من الاعتقادات التقليدية المعتنقة على نحو جازم لا يمكن الدفاع عنها. ولكن ما الذي يضمن ألا يتطرق الشك على نحو متساو إلى الاعتقادات العلمية الجديدة، لا سيما وأن العلم الحديث يحيا على تفنيد نظريات وإحلال أفضل منها محلها؟ يقصد بالاحتكام إلى الحدس العقلي إقامة صلة أساسية بين الفكر والواقع تتفادى مذهب الشك، لكن فيشته وشيلينج يشتركان في مسألة أن فكرة الحدس بطبيعتها لا يمكن التعبير عنها في تصورات؛ فهي إما شيء الأفراد الأحرار فقط هم القادرون عليه (فيشته)، وإما شيء نفهمه من خلال ما يظهره الفن من كيفية ارتباط الذاتي والموضوعي (شيلينج في البداية).
يرى هيجل أنه لا يمكن التسليم جدلا بالحدس العقلي في بداية نظام فلسفي كأساس تبنى عليه البقية، وإنما يمكن الوصول إليه فقط بعد أن تكون الفلسفة قد عايشت الطرق التي يتفاعل فيها الفكر والواقع وعبرت عنها، وهذه الطرق يمكن أن تتراوح بين ردود الأفعال البدائية للكائنات الحية تجاه بيئتها وأعلى أشكال التفكير التصوري، الذي تتأمل فيه الفلسفة في الكيفية التي من خلالها أصبحت هي نفسها ممكنة. ويتمثل العامل الفاصل في تقييم فلسفة هيجل هنا في بيان ما إذا كان هذا ردا كافيا على ما تتضمنه قضية الحدس.
بالنسبة إلى هيجل، فإن فهم «السبب» في أن دعاوى معينة للحقيقة يتبين زيفها أمر يقلب المذهب الشكي ضد نفسه، وهذا لأن المعرفة لا يمكن أبدا أن تبدأ من شيء «مباشر»، بمعنى شيء لا يحتاج أن يرتبط بأي شيء آخر ليكون على ما هو عليه. فتوصيفات النظام الشمسي، على سبيل المثال، لا تبدأ بمعطيات «مباشرة» تفسر بعد ذلك في نظرية، بل تبدأ بتفسير ميثولوجي «متوسط» بالفعل لطبيعة الأجرام السماوية. واكتسب هذا التفسير صبغة أكثر منهجية في علم الفلك البطلمي، ثم تغير مجددا عندما أوضح كوبرنيكوس وجاليليو طبيعة النظام الشمسي المتمركزة حول الشمس. فالنظرية الأكثر معقولية تنشأ عن كشف النقائص في النظرية السابقة، وليس عن الوصول المباشر إلى الحقيقة.
Shafi da ba'a sani ba