والربيع مع النعمان يأكل تمرًا وزُبدًا. فقال لبيد: أبيتَ اللعن. إن رأيت أن تأذن لي في الكلام؟ فأذن له فأنشد:
مَهْلًا أَبَيْتَ اللَّعْنَ لا تَأْكُلْ مَعَهْ ... إِنَّ اسْتُهُ من بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ
وَإِنَّهُ يُدْخِلُ فيها إِصْبَعَهْ ... يُدْخِلُها حتى يُوَاري أَشْجَعَهْ
كأنَّما يَطْلُبُ شيئًا ضَيَّعَهْ
فأفّف النعمان ورفع يده. وقال: كُفّ. ويلك يا ربيع! إني أحسبك كما ذكر. قال: لا. والذي يصلح الملك ما أنا كذلك. إن الغلام لكاذب. فأْذّن لي فأرحل رِكابي. فأذن له. فقام الربيع مُغضَبًا وهو يقول:
لَئِنْ رَحَلْتُ رِكابي إِنَّ لي سَعَةٍ ... ما مِثْلُها سَعَةٌ عَرْضًا ولا طُولاَ
ولو جَمَعْتَ بني لَخْمٍ بِأَسْرِهِمُ ... لم يَعْدِلُوا رِيشَةً من ريش قِتميلا
ويروى شمويلا. فأجابه النعمان:
سجّح بِرَحْلِكَ عَنَّي حيث شِئْتَ ولا ... تُكْثِرْ عَلَيَّ ودَعْ عنك الأَبَاطِيلا
فقد رُمِيتَ بداءٍ لستَ غاسِلَهُ ... ما جَاوَرَ النِّيلَ يومًا أهلهُ النيلا
قَدْ قِيلَ ذلك إِنْ حَقًّا وإِنْ كَذِبًا ... فما اعتذارُك من شَيْءٍ إذا قِيلا
فذهبت الكلمة مثلًا.