170

Asubar Musulunci

فجر الإسلام

Nau'ikan

10 ، ولكن لم نر أحدا طعن عليه في صدقه، كذلك كان كل من عطاء وسعيد ثقة صادقا، أما عكرمة فكان أكثرهم رواية عن ابن عباس وهو مولاه، وكان أصله من البربر بالمغرب، واختلف العلماء في توثيقه، فكان بعضهم لا يثق به ولا يروي له شيئا، ويوثقه البخاري ويروي له، ويرى آخرون أنه جريء على العلم: يزعم أنه يعلم كل شيء في القرآن، سأل رجل سعيد بن المسيب عن آية في القرآن، فقال: لا تسألني عن آية من القرآن، سل من يزعم أنه لا يخفى عليه شيء منه، يعني عكرمة

11

واشتهر من تلاميذ عبد الله بن مسعود في التفسير في العراق مسروق بن الأجدع، وهو عربي من همدان، وكان ورعا زاهدا ثقة صادقا، وكان يسكن الكوفة، ويستشيره شريح القاضي في معضلات المسائل؛ واشتهر كذلك قتادة بن دعامة السدوسي الأكمه، وهو عربي الأصل كان يسكن البصرة، وشهرته في التفسير جاءت من تضلعه في اللغة العربية، فكان واسع الاطلاع في الشعر العربي وأيام العرب وأنسابهم، وكان ثقة إلا أن بعضهم كان يتحرج من الرواية عنه لخوضه في القضاء والقدر.

وفي هذا العصر - أعني عصر التابعين - تضخم التفسير بالإسرائيليات والنصرانيات لكثرة من دخل منهم في الإسلام، وميل النفوس لسماع التفاصيل عما يشير إليه القرآن من أحداث يهودية ونصرانية، وقد تتبعنا في تفسير ابن جرير كثيرا من الآيات التي وردت عن بني إسرائيل فإذا بطل الرواية فيها وهب بن منبه، وقد ذكرنا قبل أنه كان من يهود اليمن وأسلم، فكان يقص كتب اليهود وأحاديثهم من غير تحر دقيق، ومن غير أن تصبغ روايته صبغة علمية، وتساهل المسلمون في أخذهم عنه كما أشار إليه ابن خلدون؛ لأنه لا يترتب على ما يحكي استنباط لحكم شرعي أو نحوه؛ كما تتبعنا كثيرا من الآيات التي وردت عن النصارى فإذا كثير مما يرويه الطبري عن ابن جريج، وابن جريج هذا هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ويقول الذهبي في تذكرة الحفاظ: «إنه من أصل رومي»، فهو نصراني الأصل؛ ويقول عنه بعض العلماء: إنه كان يضع الحديث، وإنه تزوج تسعين امرأة زواج متعة، ويقال: إنه أول من صنف الكتب في الإسلام

12 ، وولد سنة 80 وتوفي حول سنة 150ه، بعد أن طوف في كثير من البلاد، فقد ولد بمكة ورحل إلى البصرة واليمن وبغداد.

وبعد عصر الصحابة وكبار التابعين أخذ العلماء يؤلفون كتب التفسير على طريقة واحدة، هي ذكر الآية ونقل ما روي في تفسيرها عن الصحابة والتابعين بالسند، مثل تفسير سفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وعبد الرازق وغيرهم، ولم تصل إلينا هذه التفاسير، إنما وصل إلينا ما تلا هذه الطبقة، وأشهرهم ابن جرير الطبري. •••

وبعد؛ فيظهر أن تفسير القرآن كان في كل عصر من العصور المتأخرة بالحركة العلمية فيه، وصورة منعكسة لما في العصر من آراء ونظريات علمية ومذاهب دينية، من ابن عباس إلى الأستاذ الشيخ محمد عبده، حتى لتستطيع إذا جمعت التفاسير التي ألفت في عصر من العصور أن تتبين فيها مقدار الحركة العلمية، وأي الآراء كان سائدا شائعا وأيها غير ذلك؛ وهكذا.

فلو تتبعت ما نقل عن الصحابة وصدر التابعين من تفسير وجدتهم يقصرون في تفسير الآية على توضيح المعنى اللغوي الذي فهموه من الآية بأخصر لفظ، مثل قولهم:

غير متجانف لإثم ؛ أي: غير متعرض لمعصية، ومثل قولهم في قوله تعالى:

وأن تستقسموا بالأزلام : كان أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم خروجا أخذ قدحا فقال: هذا يأمر بالخروج، فإن خرج فهو مصيب في سفره خيرا، ويأخذ قدحا آخر فيقول: هذا يأمر بالمكوث فليس يصيب في سفره خيرا، والمنيح بينهما، فنهى الله عن ذلك؛ فإن زادوا شيئا فما روي من سبب نزول الآية، ثم زاد من بعدهم التوسع في أخبار اليهود والنصارى، ولا تجد في التفسير عن هؤلاء أثرا من الاستنباط العلمي لحكم فقهي، ولا انتصارا لمذهب ديني ... فلما جاء العصر الذي يليه وظهر الكلام في القدرة ونحوه رأيت التفسير قد حمل هذه المذاهب، فأصبح كل يفسر القرآن على مذهبه في الجبر والاختيار؛ وهكذا، ولما عظمت الحركة الفقهية رأيت المفسرين من الفقهاء يتعرضون للآيات، يذكرون ما يستنبط منها من الأحكام وقل مثل ذلك في قواعد النحو والبلاغة وقواعد الأخلاق.

Shafi da ba'a sani ba