162

Asubar Musulunci

فجر الإسلام

Nau'ikan

القرآن وتفسيره

نزل القرآن منجما على رسول الله في نحو عشرين سنة، وكان ينزل حسب الحوادث ومقتضى الحال، وتوفي رسول الله ولم يجمع القرآن في مصحف ، بل كان في صحف مفرقة كتبها كتاب الوحي، وفي صدور الحفاظ من الصحابة، وفي عهد أبي بكر أمر بجمع القرآن، ولكن لا في مصحف واحد، بل جمعت الصحف المختلفة التي فيها آيات القرآن وسوره، وكتب منها ما كان في صدور الرجال، وأودعت الصحف الكثيرة التي فيها القرآن عند أبي بكر، وقد تولى جمعه هذا زيد بن ثابت.

وانتقلت من أبي بكر إلى عمر، ثم إلى حفصة بنت عمر، حتى إذا تولى عثمان أخذ الصحف من حفصة، وعهد إلى جمع من الصحابة منهم زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، بجمعها في مصحف واحد، وكتب منه نسخا كثيرة، وزعت على الأمصار، وأحرق ما يخالفه من الصحف في حديث طويل ليس هذا محل تفصيله.

نزل القرآن بلغة العرب وعلى أساليب العرب في كلامهم، فألفاظه عربية إلا ألفاظا قليلة عربت وأخذت من اللغات الأخرى، ولكن هضمتها العرب وأجرت عليها قوانينها؛ وأساليبه هي أساليب العرب في كلامها، ففيه الحقيقة وفيه المجاز، وفيه الكتابة ... إلخ، على نمط العرب في حقيتهم ومجازهم؛ وهذا طبيعي؛ لأنه أتى يدعو العرب - أولا - إلى الإسلام، فلا بد أن يكون بلغة يفهمونها

وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم .

ومع هذا فلم يكن القرآن جميعه في متناول الصحابة جميعا يستطيعون أن يفهموه - إجمالا وتفصيلا - بمجرد أن يسمعوه، ليس بصحيح ما يقوله ابن خلدون من «أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغاتهم، فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكبيه»

1

لأن نزول القرآن بلغة العرب لا يقتضي أن العرب كلهم يفهمونه في مفرداته وتراكيبه؛ والدليل على ذلك ما هو حاصل في مشاهداتنا الأولى، فليس كل كتاب مؤلف بلغة يستطيع أهل اللغة كلهم أن يفهموه، فكم من كتب إنجليزية وفرنسية لا يستطيع الإنجليز أو الفرنسيون أنفسهم أن يفهموها؛ لأن فهم الكتاب لا يتطلب اللغة وحدها، وإنما يتطلب درجة عقلية خاصة تتفق ودرجة الكتاب في رقيه؛ هكذا كان شأن العرب أمام القرآن، فلم يكونوا كلهم يفهمونه إجمالا وتفصيلا ، إنما كانوا يختلفون في مقدار فهمه حسب رقيهم العقلي، بل إن ألفاظ القرآن أنفسها لم يكن العرب كلهم يفهمون معناها، كما لم يدع أحد أن كل فرد في أمة يعرف جميع ألفاظ لغتها، وحسبنا على ذلك ما روي عن أنس بن مالك أن رجلا سأل عمر بن الخطاب عن قوله تعالى:

وفاكهة وأبا ، ما الأب؟ فقال عمر: «نهينا عن التكلف والتعمق»، وروي عن عمر أيضا أنه كان على المنبر فقرأ:

أو يأخذهم على تخوف ، ثم سأل عن معنى التخوف، فقال له رجل من هذيل: التخوف عندنا التنقص، ثم أنشده:

Shafi da ba'a sani ba