159

Asubar Musulunci

فجر الإسلام

Nau'ikan

نأخذ مما سبق أنه بعد فتح الممالك تفرق الصحابة في الأمصار، وكان من هؤلاء الصحابة علماء رحلوا للتعليم فكانوا نواة لمدارسها، وأن هؤلاء الصحابة العلماء كانت لهم شخصيات علمية مختلفة كان لها أثرها في مدارسهم، وأن أكبر الشخصيات تأثيرا في الأمصار هي: عبد الله بن عمر في المدينة، وعبد الله بن مسعود في الكوفة، وعبد الله بن عباس في مكة، وعبد الله بن عمرو بن العاص في مصر، لم يكن هؤلاء الصحابة يحيطون علما بكل ما قاله النبي

صلى الله عليه وسلم

وفعله، وبكل ما يتعلق بتعاليم الدين، بل كان منهم من صحب النبي في بعض الأوقات دون بعض، ففاته - حين لم يصحبه - علم حمله غيره، لذلك علم كل منهم شيئا وغاب عنه شيء، واستتبع هذا أن بعض الأمصار كان يعرف من الحديث ما لم يعرفه الآخر، خلف هؤلاء الصحابة التابعون فتلقوا عنهم، وحلوا محلهم في رفع لواء العلم؛ وشعر كثير منهم بأن في الأمصار الأخرى علما غير علمهم، فأكثروا من الرحيل، فكانت هناك حركة دائمة للعلماء، فمصري يرحل إلى المدينة، ومدني إلى الكوفة، وكوفي إلى الشام، وشامي إلى هنا وهناك، وهكذا عملوا على توحيد الوطن العلمي، وكان من أثر هذا التقليل من الفروق التي سببتها الشخصيات العلمية المختلفة للصحابة، وأخذ عن التابعين طبقات أتت بعدهم سارت على مناهجهم.

وبعد؛ فماذا كان يعلم في المدارس المختلفة في هذه الأمصار تفصيلا؟ وعلام كانت تدور الحركات العلمية إذ ذاك؟ وهل كان هناك تأثير للأمصار المختلفة في العلم؟ وهل تأثر العلم في الشام ومصر بمدنية الرومان؟ وهل تأثر في العراق بمدنية الفرس؟ وهل تأثر في الحجاز ببساطة العرب؟ وهل كان للعقائد الدينية المنتشرة في هذه الأقطار قبل الإسلام أثر في المذاهب الدينية التي نشأت بعد الإسلام؟ ذلك مطلب عسير سنحاول الإجابة عنه في البابين التاليين إن شاء الله.

مصادر هذا الباب

(1)

الطبقات الكبرى لابن سعد. (2)

الإصابة في أخبار الصحابة. (3)

أسد الغابة لابن الأثير. (4)

فتوح البلدان للبلاذري. (5)

Shafi da ba'a sani ba