الفصل الأول
جزيرة العرب
ليست جزيرة العرب وحدها هي مسكن العرب، فقد كانت لهم مساكن فيما حولها، ولكن كانت الجزيرة مسكن أكثرهم، وأهم مساكنهم، فأضيفت إليهم.
وهي إقليم في الجنوب الغربي من آسيا، يحد من الشمال ببادية الشام، ومن الشرق بالخليج الفارسي وبحر عمان، ومن الجنوب بالمحيط الهندي، ومن الغرب بالبحر الأحمر.
وهي أعلى ما تكون غربا ثم تنحدر إلى الشرق إلا عند عمان؛ وليس فيها أنهار دائمة الجريان، ولكن أودية يجري فيها الماء حينا ويجف حينا.
أكبر جزء فيها صحراؤها في وسطها، وليست طبيعة هذه الصحراء متشابهة، بل متنوعة أنواعا ثلاثة: (النوع الأول):
الصحراء المسماة بادية السماوة، وقريب من مدلولها ما يسمى اليوم «صحراء النفود»، (وهو اسم لم يكن يعرفه العرب)، وهي في الشمال، وتمتد نحو 140 ميلا من الشمال إلى الجنوب، و180 ميلا من الشرق إلى الغرب؛ ورمالها غالبا وعساء
1 ، ليس بها إلا القليل من آبار وعيون، والسير فيها شاق عسير لطبيعة أرضها، ولأن الرياح تلعب برملها فتجعل منه كثبانا ووهادا؛ تمطرها السماء شتاء فينبت في بعض بقاعها نبات صحراوي، وأزهار صغيرة مختلفة الألوان؛ وأغلب سكانها بدو يرحلون عنها صيفا إلى التخوم لجدها وقيظها، ثم يأتون إليها شتاء لرعي إبلهم وشائهم.
جنوبي بادية السماوة ما يسمى الآن جبل شمر، وهو هلالي الشكل محدودب إلى الجنوب مناخه معتدل ، وأمطاره غزيرة، وأعشابه كثيرة، نثرت فيه جملة قرى وبلدان؛ وهذا الجبل هو المعروف عند العرب بجبل طيئ، وهما: أجا وسلمى، سمي بشمر وهو فرع حديث من فروع طيئ. (النوع الثاني) من الصحراء:
صحراء الجنوب، وتتصل ببادية السماوة، وهي تمتد شرقا حتى تصل إلى الخليج الفارسي، وقد قدرت مساحتها بخمسين ألف ميل مربع؛ وأرضها غالبا مستوية صلبة، انتثرت حصباؤها، وتموجت رمالها، وإذا نزل المطر في موسمه أنبتت الأرض كلأ، فيخرج البدو بإبلهم وشائهم ونسائهم، ويقيمون نحو ثلاثة أشهر، ترعى فيها ماشيتهم، وهم يشربون من ألبانها، فإذا جاء الصيف جف الزرع فعادوا إلى مواطنهم، ويغلب على هذا القسم أيضا الجدب، وفي قليل من بقاعه أشجار وغابات نخيل، وقد سمته العرب جملة أسماء: فالجزء الأول الذي بين شرقي اليمن وحضرموت يسمى صيهدا، والذي بين شمالي حضرموت وشرقيها يسمى الأحقاف، والذي في شمالي مهرة يسمى الدهناء، ويسمى الآن جميعه بالربع الخالي. (النوع الثالث) من الصحراء:
Shafi da ba'a sani ba