278

Asubin Lamiri

فجر الضمير

Nau'ikan

وربما كان من المهم لرجال الكهانة وغيرهم من معلمي الأخلاق في أيامنا هذه أن يعرفوا أن ذلك المعنى (الذي كان في يوم ما جديدا) لكلمة «قلب» القديمة، وهو ذلك المعنى الذي اكتسبته منذ حوالي خمسة آلاف من السنين الماضيات، قد جعل هذه الكلمة تذكارا أثريا لذلك الانتقال العظيم الذي نحن بصدد بحثه الآن.

وهذه الوظيفة الجديدة للعقل الإنساني هي التي سهلت علينا إدراك معنى الأخلاق أو الخلق. وإنه لمن الممتع حقا أن نعرف الوقت الذي بدأت تظهر فيه نفس كلمة أخلاق أو «خلق» لأول مرة في كلام أبناء البشر. لقد بدأ ذلك في عصر الأهرام، وسرعان ما صارت متداولة في موضوعات التعليق والتأمل؛ ففي حكم «بتاح حتب» نرى ذلك الوزير الحكيم المسن يذكر ابنه بأن «الفضيلة في الابن لها قيمة عظيمة عند الوالد، وأن الأخلاق الحسنة شيء جدير بالذكر.» وبذلك ينسب أقدم استعمال لتلك الكلمة إلى القرن السابع والعشرين ق.م. وبعد انقضاء نحو خمسة قرون على ذلك العهد نجدها في تلك النصائح التي وجهها أحد الفراعنة إلى ابنه «مريكارع»، حيث يقول إن الله - عز وجل - هو «الذي يعرف الأخلاق.»

على أن كلمة «أخلاق» أو «خلق» في حد ذاتها كلمة تثير اهتماما كبيرا؛ لأن معناها الأصلي مأخوذ من فعل معناه «يشكل» «يكون» «يبني»، وقد كانت تستعمل في عصر مبكر للدلالة بنوع خاص على العمل الذي يقوم به صانع الفخار أثناء تشكيله للأواني الصلصالية فوق عجلته. ومعنى كلمة «أخلاق» المشتق من أصلها يشبه بصورة تلفت النظر كلمتنا «أخلاق» التي معناها في الأصل اليوناني «الطابع الذي يتركه الختم المنقوش فوق الطين الطري أو الشمع» أو «الطابع الذي فوق المعدن في صك النقود.»

وقد رأينا كيف أن العوامل الجديدة التي تنطق بها هذه الكلمات الجديدة أخذت تعمل عملها بمثابة قوى اجتماعية حتى أفضت إلى نظام جديد أبرزه أيضا حكماء الأخلاق المصريون، وصار يعبر عنه عندهم بكلمة «ماعت» التي يريدون بها «الحق» و«الاستقامة» و«العدل» و«الصدق»، كما كان يراد بها عندهم أيضا النظام الخلقي الذي كانت فيه تلك الصفات هي القوى المسيطرة. وهذه الألفاظ، مضافا إليها «الضمير» والأخلاق، تعد آثارا خالدة لذلك الانتقال الذي ظهر في الحياة فوق كوكبنا الأرضي، وقد ظهرت لنا ظهورا تاريخيا عن طريق الوثائق المصرية القديمة التي دونت فيما بين سنتي 3000 و2000ق.م.

وفي هذا الانتقال التاريخي، الذي حدث لأول مرة فوق كرتنا الأرضية - بل في الكون على ما نعلم - نجد أن المصريين هم الكاشفون للأخلاق.

ومن الأمور ذات الأهمية الأساسية أن يعرف العالم الحديث مبلغ حداثة ذلك الكشف؛ فإن الحضارة البشرية مبنية على الأخلاق، وإذ إن هذه الأسس لا تزال حديثة جدا فلا داعي لأن نشعر بشيء من القنوط أو خور العزيمة إذا وجدنا أن هذا البناء لم يظهر عليه بعد ذلك الثبات الذي كنا نتمنى وصوله إليه.

ولا نزاع في أن سخرية المستر «منكن»

Mencken

اللاذعة كثيرا ما تكون في محلها، كما أن شدة الحاجة البادية للعيان لعمل إصلاحات في البناء تهيئ الفرص الكثيرة للغمزات المسلية التي نراها على صفحات مجلتي «بنش»

1

Shafi da ba'a sani ba