وأخيرا قام المحتفل به، وشكرا الحاضرين، ثم قدمت إليه اللجنة بالاشتراك مع حضرة صاحب العزة ميشيل بك لطف الله كأسا نفيسا من الفضة إعجابا بجده وإتقانه صناعته.
وقد افتتح الأديب الجميل خطبته بقوله: «لو بعث المقريزي من رمسه، أو نشر علي باشا مبارك من قبره، وحاول هذا أو ذاك وضع خطط جديدة لمدينة القاهرة، لكان كلاهما - ولا شك - يطلق على شارع الفجالة اسم: شارع الأدب والأدباء، أو شارع المعارف.
ففي هذا الشارع: مطبعة المعارف ومكتبتها، ومكتبة الهلال، ومجلة الزهور، ومجلة الروايات الجديدة ومطبعتها، ومطبعة الاقتصاد، ومجلة سركيس، ومجلة فتاة الشرق، ومجلة الجنس اللطيف، وجريدة الوطن، ومطبعتها، وجريدة الأخبار، ومطبعتها، ومجلة المحيط، ومجلة رعمسيس، وجريدة مصر، ومطبعتها، ومجلة فرعون، ومجلة المفتاح، وجريدة العمران، ومطبعة العرب، وإدارة مجلة الهلال، ومطبعتها، ومطبعة السلام، ومكتبة الأخبار، ومكتبة الطلبة، ومجلة الحقوق، ومجلة ميزان الاعتدال إلخ.
فمن هذه البقعة الصغيرة التي لا تتجاوز الكيلو متر يصدر قسم كبير من المطبوعات العربية، وينتشر في أربعة أقطار العالم، فأحر بمحافظتنا أن تغير اسم هذا الشارع، ولا سيما أن لا أثر فيه اليوم للفجل والفجالين، وتسميه بشارع المعارف.
ولو حددنا الموقع الجغرافي لمطبعة المعارف، لقلنا إنها واقعة على مدخل هذا البوغاز الأدبي.
وخطبة الأديب الجميل صفحة من صفحات تاريخ الأدب العصري، ومتن لو شرح لكان خير كتاب لأخبار نحو مائة من علماء العصر وخيرة أدبائه ومفكريه الذين سكن بعضهم الفجالة، وقضى معظمهم ساعات في مكاتبها ومطابعها، مشتغلين بتثقيف العقول وتحرير الأذهان.
ففي «الفجالة» سكن أصحاب المقطم والمقتطف واللطائف عندما حضروا إلى مصر منذ 32 سنة.
وفي «الفجالة» قضى المرحوم جرجي زيدان ربع قرن متنقلا بمطبعته وعائلته من دار إلى أخرى، وتحت سماء هذه البقعة كتب 22 مجلدا من الهلال، وعشرات من الروايات، وكتب التاريخ، والأدب.
وفي «الفجالة» سكن سليم أفندي سركيس، وتزوج، وبعد أيام أخرج من بيته إلى حيث سجن أسبوعا، بتهمة قذفه في الإمبراطور غليوم، ثم قضى سنوات في أمريكا، وعاد إلى الفجالة، وفيها أنشأ «مجلة سركيس»، ووزع على الأدباء والكتاب جوائر مالية وفنية وأدبية لم يسبقه إليها سابق.
وفي «الفجالة» يسكن خليل أفندي مطران الشاعر الكاتب الغني عن الوصف والتعريف، وسقراط بك سبيرو اللغوي المحقق، والكاتب المعروف في اللغتين العربية والإنكليزية، وأسعد أفندي داغر المحرر في المقطم.
Shafi da ba'a sani ba