Faith in the Hereafter and Its Impact on the Individual and Society
الإيمان باليوم الآخر وأثره على الفرد والمجتمع
Nau'ikan
وما ذكره الشيخ عبد الواحد من كفر من أنكر منكر ونكير، أو عذاب القبر ونعيمه أمر مختلف فيه بين العلماء، ويشار في هذا المقام إلى جملة من الضوابط الشرعية في هذا الباب:
أ. أن التكذيب أو الرد لحديث الرسول ﷺ -كفر صريح ظاهر، لأنه طعن في مقام الرسالة، ولذا قرر الأئمة أن من رد حديثًا صحيحًا أو كذبه كفر.
قال الإمام إسحاق بن راهوية: "من بلغه عن رسول الله ﷺ -خبر يقر بصحته، ثم رده بغير تقية فهو كافر" (^١).
ويقول العلامة ابن الوزير: "إن التكذيب لحديث رسول الله ﷺ مع العلم أنه حديثه كفر صريح " (^٢).
ب. أن جحد أمر معلوم من دين الإسلام بالضرورة، بحيث يعرفه الخاصة والعامة، يعتبر كفرًا مخرجًا عن ملة الإسلام، بشرط أن يكون هذا الأمر المجمع عليه مشتهرًا في الدين.
يقول العلامة القرافي: "ولا يعتقد أن جاحد ما أجمع عليه يكفر على الإطلاق، بل لابد أن يكون المجمع عليه مشتهرًا في الدين حتى صار ضروريًا، فكم من المسائل المجمع عليها إجماعًا لا يعلمه إلا خواص الفقهاء فجحد مثل هذه المسائل التي يخفى الإجماع فيها ليس كفرًا " (^٣).
ج. أن التأويل المذموم هو التأويل المصادم لما ثبت بقاطع، فمن تأول تأويلًا يخالف قاطعًا من الكتاب والسنة واتفاق الأمة لا شبهة فيه، فإنه زنديق، "فكل من أنكر الشفاعة أو أنكر رؤية الله يوم القيامة، أو أنكر عذاب القبر وسؤال منكر ونكير، أو أنكر الصراط والحساب، سواء قال: لا أثق بهؤلاء الرواة، أو قال: أثق بهم لكن الحديث مؤول، ثم ذكر تأويلًا فاسدًا، لم يسمع ممن قبله، فهو الزنديق" (^٤).
وحكم التأويل على ثلاثة أقسام:
الأول: أن يكون صادرًا عن اجتهاد وحسن نية، بحيث إذا تبين له الحق رجع عن تأويله، فهذا معفو عنه، لأن هذا منتهى وسعه.
(^١) ابن حزم: الإحكام في أصول الأحكام: (١/ ٩٩).
(^٢) ابن الوزير: العواصم والقواصم: (٢/ ٣٧٤)، انظر: البكري: إعانة الطالبين: (٤/ ١٥١).
(^٣) القرافي: الفروق، عالم الكتب - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (٤/ ١١٧).
(^٤) القنوجي: الروضة الندية، دار المعرفة، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها (٢/ ٢٩٦).
1 / 328