Faith in the Hereafter and Its Impact on the Individual and Society
الإيمان باليوم الآخر وأثره على الفرد والمجتمع
Nau'ikan
هذا إخبار من الله تعالى عن استبعاد الكفرة الملحدين قيام الساعة واستهزائهم برسول الله ﷺ في إخباره بذلك، فقال قريش بعضهم لبعض ... ﴿هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ﴾ يعنون محمدًا ﷺ وإنما نكروه مع أنه كان مشهورًا علمًا في قريش، وكان إنباؤه بالبعث شائعًا عندهم، تجاهلًا به وبأمره، (يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ أي: يحدثكم بأعجوبة من الأعاجيب أنكم تبعثون وتنشؤون خلقًا جديدًا، بعد أن تكونوا رفاتًا وترابًا، ويمزق أجسادكم البلاء كل ممزق، أنكم بعد هذا الحال ﴿لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ أي: تعودون أحياء ترزقون، ثم قالوا: ﴿أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ﴾ أي: هذا الإخبار لا يخلو من قسمين: إما أن يكون قد تعمد الافتراء على الله أنه قد أوحي إليه ذلك، أو أنه لم يتعمد لكنه لبّس عليه كما يلبس على المجنون والمعتوه، فكذبهم الله تعالى، ورد عليهم بقوله: ﴿بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ﴾ أي: ليس الأمر كما زعموا، ولا كما ذهبوا، بل محمد ﷺ، هو الصادق البار الراشد الذي جاء بالحق، وهم الكذبة الجهلة الأغبياء فهم في الكفر المقضي إلى عذاب الله، وفي الضلال البعد من الحق في الدنيا.
ثم ذكر الله جل وعلا لهم أية معانيه، فيها الدلالة لمن كان له عقل على البعث والمعاد، فقال سبحانه: ﴿أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٩)﴾ [سبأ:٩].
فالله الذي خلق السموات والأرض وما فيهن قادر على البعث، وعلى تعجيل العقوبة لهم، فاستدل بقدرته عليهم، وأن السماوات والأرض ملكه وأنهما محيطتان بهم من كل جانب، فكيف يأمنون؟ (^١).
(^١) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن (١٤/ ٢٦٤)، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم (٦/ ٤٩٦)، النسفي: مدارك التنزيل (٣/ ٥٤)، ابن الجوزي: زاد المسير ص (٣/ ٤٩٠).
1 / 221