وصاح فلم يلتفتوا إليه وألحّ في الصياح ليعلمهم مراده فيه ثمّ رمى إليه بما كان يرمى إليه فلم يقربه ولجَّ في الصياح فقال لغلمانه نحُّوه عنّا فإن له قصة ومدّ يده إلى اللبن فلما رآه الكلب يريد أن يأكل وثب إلى وسط المائدة وأدخل فمه في اللبن وكرع منه فسقط ميِّتا وتناثر لحمه. وبقي الملك متعجّبا منه ومن وفعله فأومأت الخرساء فعرفوا مرادها بما صنع الكلب فقال الملك لندمائه وحاشيته أن شيئا قد فداني بنفسه لتحقيق بالمكافأة وما يحمله ويدفنه غيري ودفنه بين أبيه وأمّه وبنى عليه قبة وكتب عليها ما قرأت وهذا ما كان من خبره.
أخبرني أبو العلاء ابن يوسف القاضي قال حدثني شيخ كان مُسِنّا صدوقًا أنه حجَّ سنة من السنين قال وبرزنا أحمالنا إلى الياسرية وجلسنا على قراح نتغدّى وكلبٌ رابض بجوارنا فرمينا إليه من بعض ما نأكل ثم ارتحلنا ونزلنا بنهو الملك فلما قدَّمنا السفرة إذ الكلب بعينه رابض بجوارنا كاليوم الأول فقلت للغلمان قد تبعنا هذا الكلب وقد جب حقُّه علينا فتعهَّدوه ونقض الغلمان السفرة بين يديه فأكل ولم يزل تابعًا لنا من منزل إلى منزل على تلك الحال لا يقدر أحد أن يقرب
1 / 48