* مقدمة المؤلف الحمد لله حق حمده، وصلى الله على محمد رسوله وعبده، وآله وصحبه، وأتباعه وجنده.
وبعد، فإني لما رأيت أكثر الناس في حق آل البيت مقصرين، وعما لهم من الحق معرضين، ولمقدارهم مضيعين، وبمكانتهم من الله تعالى جاهلين، أحببت أن أقيد في ذلك نبذة تدل على عظيم مقدارهم، وترشد المتقي لله تعالى على جليل أقدارهم، ليقف عند حده، ويصدق بما وعدهم الله ومن [به] (1) عليهم من صادق وعده.
والله [سبحانه] أسأل الهداية، وأعوذ به من الضلال والغواية إنه قريب مجيب.
(هامش) * (1) - سقط من (س).
Shafi 13
[الآية الأولى قال تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (1)
Shafi 15
قال الأستاذ أبو الحسن علي بن إسماعيل بن سيده (1) رحمه الله: الرجس:
القذر (2).
Shafi 19
قال ابن دريد: رجل مرجوس ورجس: نجس [ورجس: نجس] (1).
وأحسبهم قد قالوا: رجس نجس، وهي الرجاسة والنجاسة، والرجس:
العذاب، كالرجز، ورجس الشيطان: وسوسته.
وقال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله: (يقول الله تعالى:
(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس). أي: السوء والفحشاء يا أهل بيت محمد، ويطهركم من الدنس الذي يكون في أهل معاصي الله تطهيرا (2).
وذكر بسنده عن [سعيد عن] (3) قتادة قوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فهم أهل بيت طهرهم الله من السوء،
Shafi 20
وخصهم برحمته منه (1).
وعن ابن وهب قال نقلا عن [ابن] (2) زيد قال: الرجس ها هنا الشيطان، وسوى ذلك من الرجس: الشرك (3).
* واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله: (أهل البيت)، فقال بعضهم: عني به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين رضي الله عنهم.
ثم ذكر [الطبري] من حديث مندل عن الأعمش عن عطية، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (4)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [129 /
Shafi 21
1]، (نزلت هذه الآية في خمسة: في وفي علي وحسن، وحسين، وفاطمة: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (10).
و (ذكر الطبري) من حديث زكريا عن مصعب بن شيبة عن صفية بنت (2).
Shafi 22
شيبة قالت: قالت عائشة رضي الله عنها: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم غداة، وعليه مرط مرحل (1) من شعر أسود، فجاء الحسن، فأدخله معه.
ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (2).
ومن حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يمر ببيت فاطمة [عليها السلام (3)] ستة أشهر (4) كلما خرج إلى الصلاة فيقول: (الصلاة أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب
Shafi 23
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (1).
ومن حديث زيد، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة رضي الله عنها.
قالت: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندي، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، فجعلت لهم خزيرة (1) فأكلوا، وناموا، وغطى عليهم كساء أو قطيفة.
ثم قال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) (2).
ومن حديث يونس بن أبي إسحاق (3) قال: أخبرني أبو داود، عن أبي الحمراء قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
Shafi 26
قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة رضي الله عنهما فقال: الصلاة [الصلاة] (1) (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (2).
ومن حديث أبي نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا عبد السلام بن حرب، عن كلثوم المحاربي عن أبي عمار قال: إني لجالس عند واثلة بن الأسقع (3) إذ ذكروا عليا رضي الله عنه، فشتموه، فلما قاموا (4)، قال: اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموه، إني عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ جاءه علي وفاطمة وحسن وحسين [:]، فألقى عليهم كساء له، ثم قال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).
قلت يا رسول الله: وأنا؟ [129 / ب].
قال: (وأنت).
قال: فوالله إنها لمن أوثق عمل عندي (5).
Shafi 27
ومن حديث الوليد بن مسلم قال حدثنا ابن عمرو (1) قال: حدثني شداد أبو عمار قال: سمعت واثلة بن الأسقع يحدث قال: [سألت] (2) عن علي بن أبي طا لب رضي الله عنه في منزله؟ فقالت فاطمة رضي الله عنها: قد ذهب يأتي برسول الله عليهم بثوبه، وقال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). (اللهم هؤلاء أهلي، [اللهم أهلي] (3) أحق).
قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: وأنا يا رسول الله من أهلك.
قال: (وأنت من أهلي).
قال واثلة: إنها لمن أرجى ما أرتجي (4).
Shafi 28
ومن حديث وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب [عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري] (1) عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: لما نزلت هذه الآية: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا، وفاطمة، وحسنا، وحسينا فجلل عليهم (2) بكساء خيبري (3)، وقال:
(اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).
قالت أم سلمة: ألست منهم؟
قال: (أنت إلى خير) (4).
ومن حديث سعيد بن زربي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحملها على طبق، فوضعتها (5) بين يديه، فقال: أين ابن عمك وابناك؟.
فقالت: في البيت.
فقال: ادعيهم، فجاءت عليا، فقالت: أجب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنت وابناك.
فقال: ادعيهم، فجاءت عليا، فقالت: أجب النبي صلى الله عليه وآله وسلم
Shafi 29
وبسطه، فأجلسهم عليه، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمه فوق رؤوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربه [تعالى ذكره] (1) [130 / ا].
ثم قال: (اللهم هؤلاء أهل البيت، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) (2).
ومن حديث ابن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أن هذه الآية نزلت في بيتها: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
قالت: وأنا جالسة على باب البيت ، فقلت: أنا يا رسول الله ألست من أهل البيت؟.
قال: (إنك إلى خير، أنت من أزواج النبي).
قالت: وفي البيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة، والحسن والحسين رضي الله عنهم (3).
ومن حديث هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عبد الله بن وهب ابن زمعة قال: أخبرتني أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع عليا وفاطمة، والحسن والحسين رضي الله عنهما، ثم أدخلهم تحت ثوبه، ثم جأر إلى الله تعالى وقال: (هؤلاء أهل بيتي).
فقالت أم سلمة: يا رسول الله أدخلني معهم.
Shafi 30
قال: (إنك من أهلي) (1).
ومن حديث محمد بن سليمان [بن] (2) الأصبهاني، عن يحي بن عبيد المكي عن عطاء [بن أبي رباح] (3) عن عمر بن أبي سلمة [ربيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم] (4) قال: نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في بيت أم سلمة: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، فدعا حسنا، وحسينا، وفاطمة فأجلسهم بين يديه، ودعا عليا فأجلسه خلفه، فتجلل هو وهم بالكساء، ثم قال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).
قالت أم سلمة: أنا معهم؟.
قال: (أنت على مكانك، وأنت على خير) (5).
ومن طريق السدي، عن أبي الديلم قال: قال علي بن الحسين، رحمه الله، لرجل من أهل الشام: أما قرأت في الأحزاب: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)؟
Shafi 31
قال: ولأنتم هم!!
قال: نعم (1).
ومن حديث بكير بن أسماء (2) قال: سمعت عامر بن سعد قال: قال سعد:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين نزل عليه الوحي، فأخذ عليا، وابنيه، وفاطمة، فأدخلهم تحت ثوبه، ثم قال:
(رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي) (3).
ومن حديث [130 / ب] عبد الله بن عبد القدوس عن [الأعمش عن] (4) حكيم بن سعد قال: ذكرنا علي بن أبي طالب [عليه السلام عند أم سلمة رضي الله عنها فقالت: في بيتي نزلت: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
قالت أم سلمة: جاء النبي إلى بيتي، فقال: (لا تأذني لأحد).
فجاءت فاطمة رضي الله عنها فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها، ثم جاء الحسن رضي الله عنه فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جده وأمه، ثم جاء الحسين رضي الله عنه فلم أستطع أن أحجبه، فاجتمعوا حول النبي صلى الله عليه وآله
Shafi 32
وسلم على بساط فجللهم النبي بكساء كان عليه، ثم قال: (هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).
فنزلت الآية حين اجتمعوا على البساط.
قالت [أم سلمة] (1): فقلت: يا رسول الله، وأنا؟
قالت: فوالله ما أنعم (2)، وقال: (إنك إلى خير) (3).
وقال آخرون: بل عنى بذلك أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم (4).
ثم ذكر [الطبري] من طريق الأصبغ عن (5) علقمة، قال: كان عكرمة رضي الله عنه ينادي في السوق: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة (6).
* وقال العلامة أبو محمد بن عطية: (7) والرجس اسم يقع على الإثم وعلى
Shafi 33
العذاب، وعلى النجاسات والنقائص، فأذهب الله تعالى جميع ذلك عن أهل البيت (ونصب أهل البيت) (1) على المدح، أو على النداء للمضاف، أو بإضمار: أعني.
واختلف الناس في أهل البيت من هم؟:
فقال عكرمة، ومقاتل، وابن عباس [رضي الله عنهم] (2): هم زوجاته خاصة [لا يدخل معهن رجل] (3)، وذهبوا إلى أن البيت أريد به مساكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (4).
قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (نزلت هذه الآية في خمسة: في، وفي علي وفاطمة، والحسن والحسين رضي الله عنهم) (5).
ومن حجة الجمهور قوله: (عنكم)، و (يطهركم) بالميم، ولو كان للنساء خاصة لكان: (عنكن).
قال ابن عطية: والذي يظهر [لي] (6) أن زوجاته لا يخرجن عن ذلك البتة،
Shafi 34
فأهل البيت: زوجاته، وبنته [وبنوها] (1) وزوجها، وهذه [131 / ا] الآية تقتضي أن الزوجات من أهل البيت، لأن الآية فيهن، والمخاطبة لهن .
أما [أن] (2) أم سلمة رضي الله عنها قالت: نزلت هذه الآية في بيتي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا، وفاطمة، وحسنا، وحسينا، فدخل معهم تحت كساء خيبري، وقال: (هؤلاء أهل بيتي)، وقرأ الآية، وقال: (اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).
قالت أم سلمة: فقلت وأنا يا رسول الله؟.
فقال: (أنت من أزواجي (3) وأنت إلى خير (4)).
[فشئ جاء في الأخبار وهو لا يستلزم خروجهن] (5).
Shafi 35
وقال الثعلبي (1): قيل: هم بنو هاشم - فهذا على أن البيت يراد به بيت النسب، فيكون العباس وأعمامه [وبنو أعمامه] (2) منهم.
وروي نحوه عن زيد بن أرقم رضي الله عنه (3).
Shafi 37
[انتهى كلامه] (1) * وقال الشيخ أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
قال الزجاج: قيل يراد به نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقيل يراد به نساؤه، وأهله: الذين هم أهل بيته، وأهل [البيت] (1) نصب على المدح.
قال: وإن شئت على البدل [حيث] قال: ويجوز الرفع والخفض.
وقال النحاس: إن خفض على أنه بدل من الكاف والميم لم يجز عند أبي العباس محمد بن يزيد [حيث] قال: لا يبدل من المخاطب (2)، ولا من المخاطب لأنهما لا يحتاجان إلى تبيين.
[وقوله]: (ويطهركم تطهيرا) مصدر فيه معنى التوكيد.
قوله: (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) (3) هذه الألفاظ تعطي أن أهل البيت نساؤه.
Shafi 38
واذكرن ما يتلى في بيوتكن.
وقد اختلف أهل العلم في أهل البيت من هم؟
فقال عطاء، وعكرمة، وابن عباس (1): هم زوجاته خاصة لا رجل معهن، وذهبوا إلى أن البيت أريد به مساكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقوله تعالى: وقال فرقة منهم الكلبي (2): هم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة، وفي هذا أحاديث [كثيرة] عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واحتجوا بقوله تعالى:
Shafi 39