فإن الله جلَّ ثناؤه وتباركت أسماؤه قد أرسل محمدًا ﷺ رحمة للعالمين ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن الكفر والشرك إلى الإيمان والتوحيد فاستجاب له وآمن به قوم أشرق نور الإيمان في قلوبهم، فانجلت عنها ظلمة الشرك، فأبصروا الحق الذي دعاهم إليه.
فما زال النبي ﷺ يغذيهم بالقرآن والحكمة، ويزكيهم بالعمل حتى صار هذا الدين أعظم ما يكون في قلوبهم، وصار الرسول ﷺ أحبّ إليهم من آبائهم وأبنائهم وأموالهم بل وأنفسهم، فناصروه في دعوته وتحملوا معه في سبيل الله أقصى ما يمكن أن يتحمله بشر - غير الأنبياء - من أجل العقيدة، ذلك الجيل الربّاني الذي آمن بالنبي ﷺ وآزره ونصره هم صحابته الكرام الذين اختصهم الله وشرفهم بصحبة نبيه وإقامة شرعه.
كان مجتمعهم طرازا فريدا، ونسيجا وحيدا، هو أفضل المجتمعات وخيرها.
شهد لهم النبي ﷺ بأنهم خير القرون حيث قال: «بُعثتُ من خير قُرُون بني آدم، قَرْنًا فقرْنًا، حتى كنت من القرن الذي كنت فيه» (١) .
وقال ﷺ: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبِقُ شهادةُ أحدِهِم يمينه، ويَمينُه شَهادتَه» (٢) .
وأفضل هذا المجتمع الفريد، الذين هم أفضل أتباع الأنبياء أبو بكر الصديق ﵁.
فقد أخرج البخاري من حديث ابن عمر ﵄ قال: كنّا نُخيِّر بين الناس في زمن النبي ﷺ فنُخَيِّر أبا بكر، ثم عُمرَ بن الخطاب، ثُمّ عُثمان ابن عفَّان ﵃ (٣) .
_________
(١) البخاري: الصحيح، كتاب المناقب ٣/١٣٠٥ رقم ٣٣٦٤.
(٢) البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة ٣/١٣٣٥ رقم ٣٤٥١.
(٣) البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة ٣/١٣٣٧ رقم ٣٤٥٥.
13 / 1221