Fadilan Gidan Tsarki

Ibn Murajja Maqdisi d. 492 AH
132

Fadilan Gidan Tsarki

فضائل بيت المقدس لابن المرجى المقدسي

Nau'ikan

وفي التوراة يقول الله تعالى لإبراهيم: يا إبراهيم. فقال: لبيك. فقال: خذ الآن وحيدك الذي أحببته، وامض إلى أرض المورثا، وأصعده هناك صعيده على أحد الجبال الذي أعرفك. وقوله: إلى أرض المورثا، يريد: بيت المقدس، وقوله: على أحد الجبال، يريد: الصخرة. قال: فلما كان في اليوم الرابع، وأشرفوا على الموضع الذي عرفه الرب، قال إبراهيم لغلمانه: اجلسوا هاهنا مع الحمار، وأنا والصبي نمضي نحو الجبل، وأصلي وأرجع إليكم، وإنما ترك غلمانه في هذا الموضع؛ مخافة من استغاثة ولده بهم، فيمنعونه مما يريد أن يفعله، فيحرم ثمرة قبول الأمر، وهو الثواب الدائم، ثم قال: وأخذ إبراهيم الحطب والنار وحملهما ولده، وسارا جميعا، فقال لأبيه: يا أبه، هذه النار والحطب والسكين، فأين الرأس المقربة صعيده؟ فلما سمع إبراهيم ذلك تفزع عن قلبه ما كان يجده؛ لأنه كان يفكر فيه، وبماذا يبتديه، وكيف الحيلة في قبول هذا الأمر العظيم، ولهذا السبب لم يحمله السكين، فقال: الله تعالى يعلم أن الحيوان المقرب صعيده هو ولدي. فلما سمع ولده قول الله تعالى أيقن أنه هو المقرب لا شك؛ لأنها يمين في اللغة العبرانية، فأذعنت نفسه بذلك وطابت؛ محبة لله تعالى، قال: فوصلا إلى الموضع الذي عرفه الرب تعالى، فبنى إبراهيم هناك مذبحا، ونضد الحطب، وكتف ولده، وجعله فوق الحطب الذي على المذبح فوق الصخرة، قال: وأخذ إبراهيم السكين ليذبح ولده، فناداه الرب من السماء وقال له: يا إبراهيم لا تمد يدك إلى الغلام بشيء من السوء، فإني الآن أعلم وجميع أهل عصرك أنك خائف من الله تعالى، وأنك لم تمنع ابنك وحيدك مني. ثم بارك عليه وفيه، ووعده بالمعاني الجليلة المذكورة في التوراة، ثم رفع إبراهيم طرفه فأبصر كبشا مربوطا بقرنيه، فمضى إبراهيم وأخذ السكين وأصعده صعيده بدل ولده.

Shafi 149