فمحل هذا الخلاف إذن هو الامتناع عن الالتزام بالحكم بشرائع الإسلام، وتقديم غيرها عليها على وجه الدوام والثبات، بحيث يصبح الحكم بغير ما أنزل الله هو معيار الشرعية، والحكم بالشرع شططا وخروجا على هذه الشرعية، وبحيث يقسم بالقرآن على الحكم بخلاف القرآن.
هذه هي الصورة المستحدثة للحكم بغير ما أنزل الله، وحولها فقط سيكون حديثنا بإذن الله، وسوف نبدأ بتجلية الفرق بين الصورتين إحكاما للأمر، وزيادة في البيان والإيضاح.
الفرق بين الانحراف العارض عن الحكم بما أنزل الله، وبين ظاهرة الامتناع عن التزام الحكم بشرائع الإسلام:
1 - أن الحاكم في الصورة الأولى قد التزم الحكم بشرائع الله، وأعلن عن إذعانه وانقياده لها، فأصبح انحرافه في قضية ما شذوذا عن الأصل الثابت والمنهاج الدائم المضطرد، فإذا ما عاد إلى الحكم بالحق فقد عاد إلى خطته الأصلية في الحكم والتحاكم، وحدث التوافق بين ما أعلنه من منهج وبين ما مارسه من تطبيق.
أما في الصورة الثابتة فقد أصبح الانحراف هو الأصل الثابت الدائم، بل هو الشريعة المهيمنة الحاكمة التي نسخت كل ما تعارض معها من الشرائع الأخرى، فعندما تبدل أحكام الله وتسن بدلا منها تشريعات أخرى ينص دائما على إلغاء العمل بما يتعارض مع هذه التشريعات من أحكام أو نظم أخرى.
Shafi 64