Explanation of the Luminous Creed - Mohamed Hassan Abdel Ghaffar
شرح لمعة الاعتقاد - محمد حسن عبد الغفار
Nau'ikan
فضل صحابة رسول الله
بعد ذلك انتقل المصنف إلى بيان أفضلية صحابة رسول الله ﷺ، فإذا كان النبي ﷺ هو أفضل الخلق أجمعين، وهو سيد المرسلين، فصحابته من بعده أفضل الخلق أجمعين، فإنه ما صاحب نبيًا خير من صحابة رسول الله ﷺ، كما ورد في سنن الدارمي بسند صحيح عن ابن مسعود ﵁ وأرضاه أنه قال: (إن الله نظر في قلوب العباد فوجد خيرها وأصفاها وأنقاها قلب رسول الله ﷺ، فاختاره نبيًا مرسلًا رسولًا، ثم نظر إلى قلوب العباد فوجد خير قلوب العباد قلوب صحابة رسول الله ﷺ، فاختارهم الله جل في علاه صحبةً لنبيه ونصرة لدينه ونشرًا لدعوته، فإنهم -كما يصف ابن مسعود - أعمق الناس علمًا، وأبر الناس قلوبًا، وأحسنهم خلقًا، فمن أراد أن يتأسى فليتأس بصحابة رسول الله ﷺ.
ولما سئل ابن المبارك: من الجماعة؟ قال: أبو بكر وعمر، فيبين أن جماعة الحق هم: أبو بكر وعمر.
قال الله تعالى مبينًا فضل هؤلاء: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾ [الفتح:٢٦] وهذا أعظم ثناء، ولا يمكن أن تجده على أحد غير صحابة رسول الله، وهو أن الله جل في علاه أثنى عليهم بأنهم أحق بكلمة: (لا إله إلا الله)، وأحق بدين الإسلام؛ لأن الله يغار أن يضع الشيء في غير موضعه، أو يعطي هذه المنة وهذه النعمة لأحد لا يستحقها، فبين الله أن صحابة رسول الله هم الذين يستحقون هذه الكلمة فقال: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا﴾ [الفتح:٢٦] وقال الله تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ [الفتح:٢٩]، وهذه الآية استدل بها الإمام مالك استدلالًا رائعًا على كفر من يبغض الصحابة ﵃، ووجه الشاهد: هو قوله تعالى: ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ [الفتح:٢٩].
قال: إذًا: من تغيض على الصحابة فهو من الكفار.
والله جل في علاه يقول: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ﴾ [التوبة:١٠٠] فمدح المهاجرين ومدح الأنصار، وبين أن الذين آووا ونصروا أنهم هم المؤمنون حقًا، والنبي ﷺ بين فضل هؤلاء، ونشر فضل هؤلاء عندما قال: (أصحابي أصحابي، لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل جبل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) وهذا فيه دلالة على فضل صحابة رسول الله ﷺ.
ومن فضائل الصحابة: ما جاء عن النبي ﷺ أنه قال: (النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي -هنا محل شاهد التفضيل- أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما توعد) فعليهم رضوان الله.
وكان النبي ﷺ يقول: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ)، وفي مسند أحمد بسند صحيح قال: (اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر).
فهذه كلها تفصيلات من النبي ﷺ يبين فيها خيرة الناس من أصحابه، ويبين فضلهم.
21 / 5