72

Explanation of the Great Foundation in Means and Intercession

شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة

Nau'ikan

المخلوق مأمور بسؤال الله والرغبة إليه قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأصل سؤال الخلق الحاجات الدنيوية التي لا يجب عليهم فعلها ليس واجبًا على السائل ولا مستحبًا، بل المأمور به سؤال الله تعالى والرغبة إليه والتوكل عليه. وسؤال الخلق في الأصل محرم لكنه أبيح للضرورة، وتركه توكلًا على الله أفضل، قال تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [الشرح:٧ - ٨] أي: ارغب إلى الله تعالى لا إلى غيره. وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾ [التوبة:٥٩]، فجعل الإيتاء لله والرسول، لقوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر:٧]، فأمرهم بإرضاء الله ورسوله. وأما في الحسب فأمرهم أن يقولوا: حسبنا الله، لا يقولوا: حسبنا الله ورسوله]. الحسب هنا المقصود به التوكل والاعتماد، والتوكل لا يكون إلا على الله ﷿، وكذا الاعتماد، وهذا يندرج على سائر الأعمال القلبية، فلا تصرف إلا إلى الله ﷿ وإن كان بعضها قد يختلط بأعمال الجوارح العادية، وذلك مثل الاستعانة، فهي من الأمور التي لابد فيها من التفصيل لأن لها وجوهًا: فالاستعانة القلبية في أمر يتعلق بمستقبل الإنسان نوع من التوكل لا يجوز إلا على الله؛ لكن الاستعانة في الأمر العادي يجوز أن تكون بالمخلوق فيما يقدر عليه. وكثير من الناس يخلط في الاستعانة، حتى أن بعض أهل العلم يضرب مثلًا يقول: لا يجوز لمسلم أن يستعين ولا يستغيث بغير الله ﷿، ومن فعل ذلك فقد أشرك، وهو يقصد الاستغاثة القلبية التي هي تمام التوكل والاعتماد والحسب الذي لا يكون إلا على الله ﷿، وصرفه لغير الله شرك، لكن الجانب الآخر وهو الاستعانة بالبشر فيما يقدرون عليه أمر آخر. فالقلب يجب ألا يتعلق إلا بالله ﷿، وألا يتوجه إلا إلى الله؛ لأن الأعمال القلبية أقرب إلى العبادة البحتة، أما أعمال الجوارح فهي في الغالب لا تدخل فيها العبادة. قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويقولون: ﴿إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾ [التوبة:٥٩]، لم يأمرهم أن يقولوا: إنا لله ورسوله راغبون، فالرغبة إلى الله وحده كما قال تعالى في الآية الأخرى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور:٥٢] فجعل الطاعة لله والرسول، وجعل الخشية والتقوى لله وحده. وقد قال النبي ﷺ لـ ابن عباس ﵄: (يا غلام! إني معلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، جف القلم بما أنت لاق، فلو جهدت الخليقة على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك، فإن استطعت أن تعمل لله بالرضا مع اليقين فافعل، فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا). وهذا الحديث معروف مشهور، ولكن قد يروى مختصرًا]. الحديث صحيح صححه الألباني وغيره من أئمة أهل العلم، ولكن الذي صححوه لا يدخل فيه قوله: (فإن استطعت أن تعمل لله إلى آخره) فهذا لفظ زائد في هذا النص، أما ما قبل ذلك فقد صححوه بألفاظ متعددة ومختلفة، وبعضه مختصر كما قال الشيخ وبعضه مطول.

9 / 4