Explanation of the Forty Hadith by Al-Uthaymeen
شرح الأربعين النووية للعثيمين
Mai Buga Littafi
دار الثريا للنشر
Nau'ikan
وهناك من الصفات ما تكون كمالًا في حال ونقصًا في حال، وهذه الصفات لاتكون جائزة في حق الله ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق، فلا تثبت له سبحانه إثباتًا مطلقًا، ولا تنفى عنه نفيًا مطلقًا، بل لابد من التفصيل: فتجوز في الحال التي تكون كمالًا، وتمنع في الحال التي تكون نقصًا، وذلك كالمكر، والكيد، والخداع ونحوها، فهذه الصفات تكون كمالًا إذا كانت في مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها، لأنها حينئذٍ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله أو أشد، وتكون نقصًا في غير هذه الحال، ولهذا لم يذكرها الله من صفاته على سبيل الإطلاق، وإنما ذكرها في مقابلة من يعاملونه ورسله بمثلها، كقوله تعالى: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال: الآية٣٠) و(إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا* وَأَكِيدُ كَيْدًا) (الطارق: ١٥ (.
وأما الخيانة فلا يوصف الله بها، لأنها نقص بكل حال، فلا يوصف الله تعالى بالخيانة، ويدل لهذا قول الله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُم) (البقرة: الآية٩) وقوله: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) (النساء: الآية١٤٢) فأثبت الخداع لأنه يدل على القوة.
لكن في الخيانة قال الله ﷿: (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) (لأنفال: الآية٧١) ولم يقل: فقد خانوا الله من قبل فخانهم، لأن الخيانة خِدعة في مقام الأمان، وهي صفة ذمّ مطلقًا، وبذا عرف أن القول "خان اللهُ من يخون" قول منكر فاحش يجب النّهي عنه ووصف ذم لا يوصف الله به.
إذًا صفات الله تعالى كلها طيبة، وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم: (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى) (النحل: الآية٦٠) أي الوصف الأعلى من كل وجه.
كذلك أيضًا هو طيبٌ في أفعاله، فأفعال الله تعالى كلها طيبة، لايفعل إلا خيرًا، وتقدم لنا الجواب عن قوله في القدر: "خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" فأفعاله كلّها خيرٌ وأحكامه كذلك كلّها متضمنة لمصلحة العباد في معاشهم ومعادهم، ولذا فهي طيبة صالحة لكلّ زمان
1 / 145