وسبرت القوم سبرًا من باب قتل، وفي لغة من باب ضرب إذا تأملتهم واحدًا بعد واحد لتعرف عددهم أفاده في المصباح، أي اختيارُ وتتبعُ (ما) أي الحديث الذي (يرويه) بعض الرواة من الدواوين المبوبة والمسندة وغيرهما كالمعاجم والمشيخات والفوائد ليُنظَر ويعرف (هل شارك) ذلك (الراوي) الذي يظن تفرده به (سواه) فاعل شارك والراوي مفعوله مقدمًا، ويجوز العكس، أي غيره (فيه) أي رواية ذلك الحديث الذي ظن أنه فرد.
والحاصل: أن الاعتبار هو أن يأتي الحافظ إلى حديث لبعض الرواة فيعتبره بروايات غيره من الرواة بسبر طرق الحديث أي تتبعها من الجوامع والمسانيد والمعاجم والمشيخات والفوائد والأجزاء ليعرف هل شاركه في رواية ذلك الحديث راو غيره أم لا (فإن يشاركه) أي ذلك الذي ظن تفرده بذلك الحديث (الذي به) متعلق بـ (ـاعتبر) بالبناء للمفعول، فالذي فاعل يشارك، ومعنى كونه معتبرًا به أن يصلح أن يخرج حديثه للاعتبار والاستشهاد به بأن كان ضعفه يسيرًا بأن لا يتهم بكذب وإنما ضعفه إما بسوء حفظه أوغلطه أو نحو ذلك.
والمعنى أنه إن وجد بعد السبر والتتبع من يشارك ذلك الراوي من الرواة المعتبر بهم وهو من لم يكن شديد الضعف ومن باب أولى إذا كان ثقة (أو شيخه) بالنصب عطفًا على المفعول به أي أو يشارك الراوي المعتبر به شيخه في روايته عن شيخه، يعني أنه إذا لم يوجد من يشارك الراوي نفسه ينظر هل شارك شيخه في الرواية عن شيخه فإن وجد، وإلا فينظر هل شارك من فوقه إلى آخر السَّند كما قال:
(أو) يشارك من (فوق) من الظروف المبنية على الضم لقطعها عن الإضافة ونية معناها، والظرف صلة لمحذوف وهو جائز كما في قول حسان:
أمَنْ يَهْجُو رسولَ اللهِ منكُم ... وَيمْدَحُهُ ويَنصُرُه سَواءُ