ثم ذكر حكم رواية صغار الصحابة الذين لا تمييز لهم فقال:
............ وَالَّذِي ... رَآهُ لا مُمَيِّزًا لاَ تَحْتَ ذِي
(والذي) مبتدأ: خبره جملة قَولِهِ لا تحت ذي، أي الصحابي الذي (رآه) أي النبي ﷺ (لا مميزًا) حال من الفاعل، أي حال كونه غير مميز (لا تحت ذي) أي لا يدخل حكم روايته تحت المسألة المتقدمة، فلا يقال: إنه مرسل صحابي بل مرسل كسائر المراسيل.
والمعنى: أن الصحابي الذي رأى النبي ﷺ غير مميز: كعبيد الله بن عدي بن الخيار، فإن أباه قتل يوم بدر كافرًا على ما قال ابن ماكولا، وعد ابن سعد أباه في مسلمة الفتح، وكمحمد بن أبي بكر ﵄، فإنه ولد عام حجة الوداع فإنهما وأمثالهما يعدون من صغار الصحابة من حيث الرؤية، وأما من حيث الرواية فليست مراسيلهم، كمراسيل الصحابة، فلا يقال: إنها مقبولة كمراسيلهم لأن غالب روايتهم عن التابعين فيقوى احتمال كون الساقط غير صحابي، ويجيء احتمال كونه غير ثقة.
(فوائد): الأولى: أنه قد تكلم العلماء في عدة الأحاديث التي صرح
ابن عباس ﵄ بسماعها عن النبي ﷺ، قيل: أربعة. وهو غريب، وقيل تسعة، وقيل عشرة، وقيل دون العشرين، وقيل خمسة وعشرون.
قال السخاوي ﵀: قد اعتنى شيخنا، يعني الحافظ ابن حجر ﵀ بجمع الصَّحِيح والحسن فقط من ذلك فزاد على الأربعين سوى ماهو في حكم السماع، كحكاية حضور شيء فعل بحضرة النبي ﷺ اهـ.
الثانية: قال السخاوي ﵀: المراسيل مراتب أعلاها ما أرسله صحابي ثبت سماعه ثم صحابي له رؤية فقط، ولم يثبت سماعه، ثم المخضرم، ثم المتقن كسعيد بن المسيب ويليها من كان يتحرى في شيوخه كالشعبي ومجاهد ودونها مراسيل من كان يأخذ عن كل أحد كالحسن. اهـ.