Explanation of the Dalya Poem by Al-Kaludhani
شرح القصيدة الدالية للكلوذاني
Mai Buga Littafi
دار ابن الجوزي
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Nau'ikan
معها الإحاطة، ولو كان ﷾ لا يُرى لما صحَّ نفيُ الإدراك، فلا يصح أن يقال حينئذٍ: (لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ)، بل يُقال: (لا تَرَاهُ الأَبْصَارُ)، فلما نفى إدراك الأبصار له ﷾ دلَّ على أنه يُرى لكن من غير إحاطة، فالأبصار لا تحيط به سبحانه؛ لكمال عظمته ﷿.
وهكذا قوله تعالى: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ فقد زعم المستدلون بهذه الآية على نفي الرؤية بناء على أنَّ «لن» تدل على التأبيد، يعني: لن تراني أبدًا.
وقد ردَّ المحقِّقُون من أهل اللُّغَة القول بأنَّ «لن» تفيد التأبيد، كما قال ابن مالك في «الكافية الشافية»:
وَمَنْ يَرَى النَّفْيَ بِـ «لَنْ» مُؤبَّدَا ... فَقَولَهُ ارْدُدْ وَخِلاَفَهُ اعْضُدَا (١)
فالصحيح أنَّ «لن» تكون للتأبيد ولغير التأبيد، ومما يدل على ذلك قوله ﷾ في اليهود: ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ -يعني الموت- أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ [البقرة: ٩٥]، فاجتمع في هذه الآية «لن» مع ذكر التأبيد، وقد أخبر ﷾ أن أهل النار يتمنون الموت كما قال سبحانه: ﴿وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (٧٧)﴾ [الزخرف: ٧٧]، فعُلم أن النفي في آية البقرة -وهو نفي تمنيهم الموت- إنما هو في الدنيا، بدليل تمنيهم الموت في الآخرة بعد دخولهم النار كما في آية الزخرف.
وأيضًا فإنه تعالى لو كان لا يُرى أبدًا لم يقل لموسى ﵇: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾، ولقال له: (إني لا أُرى)، وفرقٌ بين اللَّفظين، فإنَّ قولَه: ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ يُفهم منه أنه تعالى يُرى ولكنَّ موسى لن يراه في ذلك الوقت الذي طلب فيه الرؤية.
وقد أطال العلماءُ في ردِّ الاستدلالَ بهذه الآية على نفي الرؤية،
(١) «الكافية الشافية» مع شرحها للناظم (٣/ ١٥١٥).
1 / 73