Explanation of the Creed Poem
شرح منظومة الإيمان
Nau'ikan
الدليل الرابع: جاء الإيمان مقرونا بالعمل الصالح في غير موضع من الكتاب نحو: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾، فدل على التغايُر بين مفهومَيْهما. والجوابُ منعُ استلزامِ التغاير، فإن مِن أنواع العطف – كما ذكر ابن هشام الأنصاري في المغني (١): عطف العام على الخاص وبالعكس نحو ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ ونحو ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنْ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ﴾ وغيرها. بل إن منها عطف الشيء على مرادفه نحو ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ و﴿عِوَجًا وَلا أَمْتًا﴾ وغيرها (٢) .
وذلك إنما يكون لنُكتٍ بلاغيةٍ معروفة عند أهل الفن، كما يقول العلامة بهاء الدين السبكي في شرحه لمتن التلخيص: " من أسباب الإطنابِ إيرادُ الخاصِّ بعدَ العام ويؤتى به للتنبيه على فضل الخاص حتى كأنَّه ليسَ مِن جِنْس العامِّ تنزيلا للتغاير في الوصف - فيما حصل به للخاص التمييزُ عن غيره - بمنزلةِ التغاير في الذاتِ على الأسلوبِ الذي سَلَكهُ المُتنبي في قوله:
فإن تَفُقِ الأنامَ وأنت منهم ... ... ... فإن المسك بعض دم الغزال" (٣) .
فعطفُ العمل الصالح على الإيمان هو – إذن – من عطف الخاص على العام، ويمكن أن يقال بأن علةَ ذلك هي شدةُ الاعتناءِ بالأعمال، وتنبيه المخاطب إلى خطورتها، وتحذيره من إغفالها.
(١) - مغني اللبيب: ٢/٤١١. (٢) - انظر تفصيلا نافعا لشيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: ٧/١٧٢. (٣) - عروس الأفراح شرح تلخيص المفتاح – ضمن شروح التلخيص -: ٣/٢١٦، ومثله في عقود الجمان للسيوطي: ٧٢.
1 / 64