Explanation of the Creed of the Predecessors and the People of Hadeeth - Al-Rajhi
شرح عقيدة السلف وأصحاب الحديث - الراجحي
Nau'ikan
لكل مخلوق أجل
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويعتقدون ويشهدون أن الله ﷿ أجل لكل مخلوق أجلًا، وأن نفسًا لن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجلًا، وإذا انقضى أجل المرء فليس إلا الموت، وليس له عنه فوت، قال الله ﷿: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف:٣٤].
وقال: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا﴾ [آل عمران:١٤٥].
ويشهدون أن من مات أو قتل فقد انقضى أجله المسمى له، قال الله ﷿: ﴿قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ﴾ [آل عمران:١٥٤]، وقال تعالى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء:٧٨]].
ويعتقد أهل السنة وأهل الحديث ويشهدون أن الله ﷿ أجل لكل مخلوق أجلًا، وأن نفسًا لن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجلًا، فلن يموت أحد حتى ينقضي أجله، ويستوفي رزقه، ولهذا جاء في الحديث أن النبي ﷺ قال: (إن روح القدس نفث في روعي-أي: في قلبي- أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها)، وثبت في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود في قصة خلق الإنسان في بطن أمه أنه يأتيه الملك بعد أن يكون أربعين يومًا نطفة، ثم أربعين يومًا علقة، ثم أربعين يومًا مضغة، وهي مائة وعشرون يومًا أي: (أربعة أشهر)، فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، وجاء في اللفظ الآخر: يا رب! ما الرزق؟ فيكتب، يا رب! ما الأجل؟ ما الشقاء؟ وما السعادة؟ وهكذا، فلن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها الذي قدره الله لها، وإذا انقضى أجل المرء فليس له إلا الموت، قال الله ﷿: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف:٣٤]، وقال ﷿: ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المنافقون:١١]، وقال سبحانه: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا﴾ [آل عمران:١٤٥]، وهذا عام لكل ميت، سواء مات بسبب أو بغير سبب مات مثلًا لأنه قتل، أو مات بالسم، أو لأنه تردى من جبل، أو صدم، أو مات بمرض، أو مات على فراشه، فلم يمت في هذه الأسباب إلا لأنه قد انقضى أجله، ولهذا قال المؤلف: (ويشهدون أن من مات أو قتل فقد انقضى أجله المسمى)، وهذا خلافًا للمعتزلة الذين يقولون: إن المقتول قطع عليه أجله، فلو لم يقتل لاستمر في الحياة، فالمقتول عند المعتزلة له أجلان، أجل طويل وأجل قصير، فإذا قتل قطع عليه أجله الطويل، فهذا الكلام من أبطل الباطل؛ لأن الله قدر له أن يموت بهذا السبب، ولهذا قال الله ﷿ عن المنافقين: ﴿قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ﴾ [آل عمران:١٥٤]، وذلك لما قتل من قتل في غزوة أحد من المسلمين، قالوا: لو أنهم لم يذهبوا لما قتلوا، فقال الله ﷿: ﴿قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ﴾ [آل عمران:١٥٤] أي: لو كنتم في بيوتكم وجاء الأجل فلابد أن تخرجوا للقتال؛ حتى توافوا آجالكم.
وقال تعالى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء:٧٨] أي: ولو كان الإنسان في بروج مشيدة، وأخذ بجميع الاحتياطات، فإذا جاءه فلابد أن يموت.
13 / 3