76

Explanation of the Book of the Virtue of Islam by Muhammad ibn Abd al-Wahhab - Nasir al-Aql

شرح كتاب فضل الإسلام لمحمد بن عبد الوهاب - ناصر العقل

Nau'ikan

السمع والطاعة لولاة الأمور الفائدة الثانية: عند قول النبي ﷺ: (والسمع والطاعة)، هذا مبدأ شرعي جهله كثير من الناس اليوم، خاصة الذين ليس عندهم فقه في الدين، إنما مجرد العواطف أو الثقافة، أو الذين تدينهم ليس على فقه شرعي صحيح، لا يعرفون معنى السمع والطاعة، ولا قواعد السمع والطاعة، ولا يدركون أنها أصل من أصول الدين، وأنها وصية النبي ﷺ المؤكدة في أحاديث كثيرة، وأنها نهج السلف الصالح، حتى إننا نجد من يقول ويصدق: إن مسألة طاعة ولاة الأمر من الأصول التي صنعتها السياسة، أو إنها من الأمور التي اتجهت إليها الدول بعد الخلافة الراشدة مثل دولة بني أمية وبني العباس، وإن هناك من العلماء من سايروا الحكام؛ فوضعوا أصلًا اسمه: السمع والطاعة لولاة الأمور. والعجب أننا نقرأ ونسمع مثل هذه الأحاديث بين مجتمع كمجتمعنا عاش على السنة، ونشأ على السنة وعرفها، وفيه من طلاب العلم والعلماء من يبين هذه الأحكام ويقرؤها ويدرسها في المناهج وفي الدروس وفي المجالس وعند العلماء والعامة، ومع ذلك نجد فئة من شبابنا بعضهم قد يكون من المتدينين ومن الدعاة يثقل عليه سماع مثل هذا الأصل، ويجدون حرجًا من تدريسه وبيان أصل السمع والطاعة لولاة الأمر. ومعروف أن السمع والطاعة بالمعروف، وأنها لولي الأمر المسلم، ولكن مع ذلك فإن هذا الأصل أصبح ثقيلًا؛ بسبب كثرة الأهواء والشعارات، وردود الأفعال أو التصدي لمنكرات الأمة بردود الأفعال على غير أصول شرعية. ويؤكد هذا قول النبي ﷺ: (وإن تأمر عليكم عبد)، مما يدل على أن السمع والطاعة ليست للخليفة الراشد أو الوالي المختار، أو لمن يحبه الناس فقط، بل السمع والطاعة لولي الأمر برًا كان أو فاجرًا، عادلًا كان أو ظالمًا، راشدًا كان أو غير راشد، وسواء كان بخلافة أو بملك عادل أو بملك عضوض، وسواء كان الإمام بالاختيار أو بالقوة، إذا تمكن السلطان المسلم وجب له السمع والطاعة؛ ولذلك قال النبي ﷺ: (وإن تأمر)، ومعنى (تأمر) فرض إمارته عليكم، انظر دلالة اللغة ودلالة تعبير النبي ﷺ. قال: (وإن تأمر عليكم عبد)، والعبد المقصود به: الرقيق، أي: لو تأمر عليكم من لا يملك -في الأصل- لنفسه شيئًا، بل هو منبوذ، ومع ذلك لو تأمر بقوة السيف وتسلط على المسلمين؛ وجب له السمع والطاعة بالمعروف، وهذا يؤكد خطورة هذا الأصل، وضرورة أن يفقهه طلاب العلم والعلماء، وأن تبين أحكامه للناس.

11 / 5