Explanation of Lāmiyya by Ibn Taymiyyah
شرح لامية ابن تيمية
Nau'ikan
موقف النواصب من الصحابة وآل البيت
هناك طائفة تسمى طائفة النواصب، وهي إحدى طوائف البدع، وأصيبت في معتقدها بعدم التوفيق في أصحاب رسول الله، وهؤلاء لم يكفروا الصحابة، وإنما فسقوهم، وسموا نواصب لأنهم يتدينون ببغض علي بن أبي طالب، ونحن نتبرأ من معتقد الخوارج ومن معتقد النواصب الذين ناصبوا لـ علي بن أبي طالب العداوة.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن الخوارج هم الذين يكفرون عليًا، والنواصب هم الذين يفسقونه، وكانوا يتهمون عليًا بالظلم، وأنه كان طالبًا للدنيا، وطالبًا للخلافة، ولم يرد الحق، وقاتل الصحابة على السيف، ولم يكن مقصده تأليف المسلمين وربطهم بإمام واحد، ولا شك أن قولهم هذا قول باطل.
والنواصب نالوا من الحسين بن علي ﵁ وأرضاه، فقالوا: إن الحسين بن علي كان من الخوارج، وكانوا يجوزون قتله؛ لقول النبي ﷺ: (من أتاكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه بالسيف كائنًا من كان) والحديث رواه مسلم في صحيحه، ونحن نعلم أن الرسول ﷺ يقول في حديث علي بن أبي طالب: (من أحب عليًا فقد أحبني، ومن أبغض عليًا فقد أبغضني) وهؤلاء لا يحبون رسول الله ﷺ، وبناءً عليه فهم لا يحبون علي بن أبي طالب ولا غيره.
روى مسلم بإسناده إلى زيد بن أرقم، أن النبي ﷺ قال: (أيها الناس! إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين: أولهما: كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به فحث النبي ﷺ على الأخذ بكتاب الله ورغب الناس فيه، ثم قال النبي ﷺ: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي) فما زال النبي ﷺ يذكر هذا الأمر ويؤكد عليه، إعلانًا للأمة أن الواجب عليها أن تقدر أهل البيت وأن تنزلهم منازلهم ﵃ وأرضاهم.
ولا شك أن أهل بيت النبي ﷺ لهم منازل عليا، وسوف نتكلم على من هم آل بيت النبي وقرابته وذلك بتكميل الشطر الثاني من البيت في:
ومودة القربى بها أتوسل
والقربى هم آل بيت رسول الله ﷺ، ولذلك نحن نقول: لسنا من النواصب، ولسنا من الخوارج، ومنهجنا يتميز تميزًا كاملًا عن هؤلاء القوم.
وهناك طائفة تدعي موالاة أهل البيت جعلت أهل السنة والجماعة كلهم - نواصب - وأنهم أعداء لآل بيت النبي ﷺ، وقولهم هذا باطل، ويجعلون كل من تولى أبا بكر وعمر رضي عنهما وأرضاهما يعتبر من - النواصب - وهؤلاء يطلقون علينا أننا - نواصب - ولا شك أن كلامهم هذا باطل.
يقول أحد أئمتهم وهو يوسف البحراني في كتابه: الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يقول: ومن هذه الأخبار يعلم أن مظهر النصب والعداوة لهم ﵈ منحصر في أمرين: تقديم الجبت والطاغوت -ويقصدون به: أبا بكر وعمر، يسمون أبا بكر: الجبت، وعمر الطاغوت- وإظهار العداوة لآل بيت النبي.
والعجب منهم أنهم يرون أن النواصب ليسوا من أهل الجنة أصلًا، والجنة لهم وحدهم، ويرون أن موالاة أهل البيت لهم وحدهم، وليس بصحيح، فنحن نتولى آل بيت النبي ﷺ ونحبهم ونرى أنه دين ندين الله به، ونتعبد لله تعالى بمحبة هؤلاء القوم ﵃ وأرضاهم.
ولذلك ذكروا أن النواصب شر من اليهود والنصارى والمجوس، ويرون أن الناصبي كافر نجس بإجماع علمائهم، ولاشك أن هذا الكلام ليس بصحيح، بل هو باطل لا شك فيه.
وذكرا قصة وأظنها في كتاب: الأنوار النعمانية لـ نعمة الله الجزائري، أن رجلًا كتب إلى الكاظم ﵁ كتابًا، وذكر أنه هدم سجنًا وكان فيه خمسمائة شخص ماتوا، وكان هذا الذي كتب إلى الكاظم هو: علي يقطين، وكان وزيرًا للرشيد، وقد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين يقصدون بهم أهل السنة، وذكروا أنه هدم هذا السجن وفيه خمسمائة وماتوا، فكتب يريد الخلاص من تبعات دمائهم، فماذا يجب عليه؟ فكتب إليه الكاظم مبينًا له ماذا سيعمل، قال: أما إنك لو كنت تقدمت إلي قبل قتلهم بخبر كان لا عليك، أي: لو استفتيتني لأمرتك بقتلهم ولا شيء عليك، لكنك عندما عملت بغير فتوى فإنه يجب عليك أن تذبح عن كل واحد منهم تيسًا، قال: والتيس خير منهم.
ويقول نعمة الله الجزائري: فانظر إلى هذه الدية الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم الأصغر وهو كلب الصيد، فإن دية كلب الصيد عشرون درهمًا، ولا تعادل دية أخيهم الأكبر وهو اليهودي والمجوسي فإن ديته ثمانمائة درهم، وحالهم في الآخرة أخس وأنجس! ونقول: ليس هذا إلا الكذب بعينه، ولا نرتضي هذا منهجًا لنا، ولا ندين الله به، بل نحن ممن يحب أصحاب رسوله جميعًا، ويحب آل بيت النبي ﷺ ونتولاهم ولا نتعرض لهم بقدح ولا لمزٍ ولا غير ذلك.
ونصلي ونسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
7 / 10