Explanation of Al-Hamawiyyah - Yusuf Al-Ghafis
شرح الحموية - يوسف الغفيص
Nau'ikan
تدبر السلف لكتاب الله سبحانه كاملًا
[وقال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن: عثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي ﵌ عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم العمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا.
وقال مجاهد: عرضت المصحف على ابن عباس ﵄ من فاتحته إلى خاتمته أقف عن كل آية وأسأله عنها].
مثل هذه الآثار كثير، وقد ذكر المصنف طرفًا يسيرًا منها، وهي كثيرة في كلام السلف في المصنفات وكتب التفسير المسندة، يتحصل منها أنه كان شائعًا عند السلف أن كل القرآن يتدبر، وأن معناه في سائر موارده -سواء موارد الصفات أو غيرها- معلوم؛ مما يدل على أن طريقة التفويض طريقة باطلة، فضلًا عن بطلان كونها مضافة إلى السلف ﵏.
[وقال الشعبي: ما ابتدع أحد بدعة إلا وفي كتاب الله بيانها.
وقال مسروق: ما سأل أصحاب محمد عن شيء إلا وعلمه في القرآن، ولكن علمنا قصُر عنه.
وهذا باب واسع قد بسط في موضعه.
والمقصود هنا: التنبيه على أصول المقالات الفاسدة التي أوجبت الضلالة في باب العلم والإيمان بما جاء به الرسول ﵌، وأن من جعل الرسول غير عالم بمعاني القرآن الذي أنزل إليه، ولا جبريل جعله غير عالم بالسمعيات ولم يجعل القرآن هدى ولا بيانًا للناس].
وهذا لازم لطريقة التفويض الذي نسبه كثير من المتأخرين للسلف، فإنه إذا كان الله أعلم بالمعنى فما فائدة الخطاب بها، ولا سيما أن الذين يقرون بطريقة التفويض يلتزمون قولًا واحدًا، وهو أن الظاهر ليس مرادًا، بل هو على طريقتهم تشبيه لا يليق بالله، وتشبيه الباري كفر، فإذا كان كذلك فما الحكمة من مجيء هذا الظاهر الذي هو كفر ليخاطب به العقلاء ليدخلوا في دين الإسلام؟!
فإن من أخص الموجبات لدخول المشركين في الإسلام آيات الصفات؛ ولهذا تأخر نزول كثير من الشرائع، لكن لم يتأخر نزول آيات الصفات والتوحيد؛ لأن الاقتضاء العقلي والفطري يناسبها ابتداءً، بخلاف كثير من الشرائع فهي وإن كانت على مقتضى العقل والفطرة إلا أن ما يتعلق بالنفس من الشهوات ونحوها قد يكون مانعًا من قبولها.
11 / 12