﴿لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ [الحج: ٧٣]، ولو انفرد كل واحد بذلك، لكان عجزه من باب أولى، ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾ [الحج: ٧٣]، حتى الذين يدعون من دون الله لو سلبهم الذباب شيئًا، ما استطاعوا أن يستنقذوه من هذا الذباب الضعيف، ولو وقع الذباب على أقوى ملك في الأرض، ومص من طيبه، لا يستطيع هذا الملك أن يستخرج الطيب من هذا الذباب، وكذلك لو وقع على طعامه، فإذًا الله ﷿ هو الخالق وحده.
فإن قلت: كيف تجمع بين قولك: إن الله منفرد بالملك وبين إثبات الملك للمخلوقين، مثل قوله تعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾ [النور: ٦١] ﴿إِلاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [المؤمنون: ٦١]؟
فالجواب: أن الجمع بينهما من وجهين:
الأول: أن ملك الإنسان للشيء ليس عامًا شاملًا، لأنني أملك ما تحت يدي، ولا أملك ما تحت يدك والكل ملك لله ﷿، فمن حيث الشمول: مُلكُ الله ﷿ أشمل وأوسع، وهو ملك تام.
الثاني: أن ملكي لهذا الشيء ليس ملكًا حقيقيًا أتصرف فيه كما أشاء، وإنما أتصرف فيه كما أمر الشرع، وكما أذن المالك الحقيقي، وهو الله ﷿، ولو بعت درهمًا بدرهمين، لم أملك ذلك، ولا يحل لي ذلك، فإذا ملكي قاصر، وأيضًا لا أملك فيه شيئًا من الناحية القدرية، لأن التصرف لله، فلا أستطيع أن أقول