Excellence of the Lord of Creation in Explaining the Brilliant Pearls
فضل رب البرية في شرح الدرر البهية
Nau'ikan
واستدل من قال بالوجوب بقول النبي ﷺ: «إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر» (١) متفق عليه.
وأخرج أصحاب السنن عن لقيط بن صَبِرة أن النبي ﷺ قال: «وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائمًا» (٢).
وكذلك قالوا أمر الله تعالى في كتابه بغسل الوجه في الوضوء، والفم والأنف من جملة الوجه.
والصحيح أن المضمضة والاستنشاق سنتان في الوضوء والغسل، لقوله تعالى: ... ﴿فاغسلوا وجوهكم﴾.
قالوا: الفم والأنف من الوجه، قلنا: لا نسلّم لكم بهذا، لأن الوجه عند العرب ما حصلت به المواجهة، والفم والأنف إدخال الماء فيهما، وليس مما هو مواجه، فالأنف من الخارج من الوجه، والفم من الخارج من الوجه، وأما من الداخل، فلا.
وقال بالذي قلناه، الإمام الشافعي والحسن البصري والزهري والحكم وقتادة ومالك والأوزاعي والليث بن سعد ورواية عن الإمام أحمد.
وأما ما ذكروا من أحاديث، فهي على الاستحباب، والذي صرفها عن الوجوب ما جاء في الآية، فإنها مُبَينة ليس فيها إجمال ولا تحتاج إلى بيان، فذَكر الله ﷾ فرائض الوضوء فيها ولم يذكر المضمضة والاستنشاق.
قال ﵀: (ثم يغسلُ جميعَ وجهِهِ)
غسل الوجه ركن من أركان الوضوء لا يصح إلا به، فهو مذكور في الآية.
والوجه في اللغة: ما حصلت به المواجهة.
وحدّه من أعلى الجبهة، من منبت الشعر إلى منتهى الذقن طولًا، ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن الأخرى عرضًا، وأجمع العلماء على وجوب غسله (٣).
_________
(١) أخرجه البخاري (١٦١)، ومسلم (٢٣٧) عن أبي هريرة ﵁.
(٢) أخرجه أحمد (٢٦/ ٣٠٩)، وأبو داود (١٤٢)، والترمذي (٧٨٨)، والنسائي (٨٧)، وابن ماجه (٤٠٧).
(٣) انظر «بداية المجتهد» لابن رشد (١/ ٣٦).
1 / 34