214

Excellence of the Lord of Creation in Explaining the Brilliant Pearls

فضل رب البرية في شرح الدرر البهية

Nau'ikan

فالصيام يقتضي أن تدع الطعام والشراب، فإن لم تدعهما فصيامك غير صحيح.
والأكل هو إدخال الشيء إلى المعدة عن طريق الفم، فيشمل ما ينفع وما يضر،
وما لا ينفع ولا يضر، فكل هذا يسمى أكلًا.
أما من أكل أو شرب ناسيًا فصيامه صحيح لا يبطل ويجب عليه أن يُمسك بقية يومه لقوله ﷺ: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليُتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» (١)، فهو رزق من الله ﵎، ولا يُفسد ذلك عليه صيامه فصيامه صحيح، فالأكل أو الشرب نسيانًا لا يُفسد الصيام.
ولكن على من أكل أو شرب ناسيًا أن يمسك عن الأكل أو الشرب حين تَذَكُّرِهِ.
قال الترمذي ﵀: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق (٢).
ومن أكل أو شرب عمدًا بَطُلَ صومه ووقع في إثم عظيم لا ينفعه معه القضاء، إنما تنفعه التوبة الصادقة فقط، فلا تنفعه كفارة ولا يقبل منه قضاء.
وبعدم القضاء قال الإمام الشافعي والأوزاعي ومِن قبلهما علي وابن مسعود وأبو هريرة.
وبعدم الكفارة قال الشافعي وهي إحدى الروايتين عن أحمد وهو الصحيح إن شاء الله.
قال المؤلف ﵀: (والجِماعُ)
أي والجماع يُبطل الصيام لقوله تعالى: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم﴾ فأحل الرفث إلى النساء في ليلة الصيام، وأمّا في نهاره فلا.
وكذلك جاء في الحديث القدسي: «يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» (٣).
قال ابن قدامة: «لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أن من جامع في الفرج فأنزل أو لم يُنزل أو دون الفرج فأنزل أنه يفسد صومه إذا كان عامدًا، وقد دلّت الأخبار الصحيحة على ذلك» (٤). انتهى

(١) أخرجه البخاري (١٩٣٣)، ومسلم (١١٥٥).
(٢) «سنن الترمذي» (٩٧٣).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) «المغني» لابن قدامة المقدسي (٣/ ١٣٤).

1 / 214