إنّ علمَ النفسِ الإسلاميَّ علمٌ مؤصَّل عظيم، أيْ علاقات ثابتةٌ، وقواعدُ، وقوانينُ، هو علمُ النفسِ، وأنت نَفْسٌ، نفسُك التي بين جَنْبَيْك، هي ذاتُك، هي الخالدةُ التي لا تموتُ، هي التي تسمُوا، وهي التي تفسدُ، علمُ النفسِ الإسلاميُّ، أيْ حقائقُ النفسِ المستنبَطَةُ مِن كتابِ اللهِ وسُنةِ رسولِه ﷺ.
إنّ الإنسانَ إذا اتّصلَ باللهِ ﷿ فقد عرف حقيقة ذاته، وحقيقة فطرته، فإذَا انقطَعَ عنه أُصيبَ بما يسميه علماءُ وأطباءُ النفسِ اضطراباتٍ نفسيةً، تُعَدِّدُ هذه الكُتبُ مِن الاضطراباتِ النفسيةِ اليأسَ، قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإنسان مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾ [هود: ٩]، وقال سبحانه: ﴿وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإنسان أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشر كَانَ يَئُوسًا﴾ [الإسراء: ٨٣] .
فاليأسُ اضطرابٌ نفسيٌّ سببُه الانقطاعُ عن اللهِ ﷿، لأنّ عدمَ الإيمان به، أو الانقطاعَ عنه يؤدّي إلى هذا الاضطرابِ، وهو مِن لوازمِ عدمِ الإيمانِ، وعدمِ الاتصالِ باللهِ ﷿، ولكنّ المؤمنَ يغلبُ عليه التفاؤلُ، ويغلبُ عليه الثقةُ بما عندَ اللهِ ﷿، وقد قيل: "فإذَا أردتَ أنْ تكونَ أقوى الناسِ فتوكَّلْ على اللهِ، وإذَا أردتَ أنْ تكونَ أغنى الناسِ فكنْ بما في يَدَي اللهِ أوثقَ ممّا بين يديك، وإذَا أردتَ أنْ تكونَ أكرمَ الناسِ فاتقِ اللهَ".
يَعُدُّ علماءُ النفسِ الإسلاميِّ النفاقَ اضطرابًا نفسيًّا سببُه الشركُ، فإذا أشركَ الإنسانُ باللهِ، ورأى معه آلهةً بيدهِم أمْرُه، وبيدِهِم نفْعُه وضرُّه، إذا انطلقَ مِن هذه النظرةِ، فمِن لوازِم هذا الخطأ الإيمانيِّ: اضطرابٌ نفسيٌّ، إنه النفاقُ.
قال تعالى: ﴿وَمِنَ الناس مَن يَقُولُ آمَنَّا بالله وباليوم الآخر وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ الله والذين آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: ٨-٩] .
فالنِّفاقُ ظاهرةٌ مَرَضيةٌ، واضطرابٌ نفسيٌّ، سبَبُه الشِّركُ.