124

Encyclopedia of Jews, Judaism and Zionism

موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية

Nau'ikan

ونحن نرى أن كل خطاب (مهما كانت سطحيته وماديته) يحوي بُعدًا معرفيًا، هو، في واقع الأمر، إجابة على بعض الأسئلة الكلية والنهائية (وهي أسئلة تدور حول ماهية الإنسان: أهو مادة ومتجاوز للمادة أم مادة وحسب؟ هل لحياته معنى أم لا؟ ومن أين يستمد معياريته؟) . والإجابة عن هذه الأسئلة هي التي تحدد طبيعة النظام السياسي والاقتصادي والمعرفي والأخلاقي والدلالي والجمالي. فإن كان الإنسان مادة وحسب خاضعًا لقوانين الحركة يستمد معياريته من الطبيعة/المادة، فإن هذا يؤدي إلى تَوجُّه مختلف تمامًا عما لو كان الافتراض الأساسي هو أن الإنسان مكوَّن من مادة وما يتجاوز المادة، وأن حياته لها معنى، وأنه يستمد معياريته مما هو متجاوز للطبيعة/ المادة. والمرجعية الكامنة (في المادة) ترى أن الإنسان مادة وحسب، حدود المادة هي حدوده، ولذا فهي تجعل له إنسانًا ذا بُعد واحد تقضي عليه وترده إلى المادة وينتهي الأمر بالفلسفات المادية إلى إنكار مفهوم الإنسانية المشتركة، باعتبار أنه يشكل نقطة ثبات متجاوزة لحركة المادة، أي أنه يفلت من قبضة الصيرورة. أما المرجعية المتجاوزة، فترى أن الإنسان مادة وشيء غير المادة (يُسمَّى «الروح» في المنظومات التوحيدية، وله أسماء أخرى في المنظومات الإنسانية الهيومانية) وأن حدود هذا الإنسان بالتالي ليست حدود المادة، ولذا فهو إنسان متعدد الأبعاد قادر على تجاوز الطبيعة/المادة وذاته الطبيعية/المادية.
الباب الثالث: النزعة الجينية

1 / 124