٢١٤- خطبة الحسن بن علي:
ثم قام بعده ابنه الحسن ﵁ فقال:
"الحمد لله لا إله غيره، ولا شريك له، ثم قال: إن مما عظم الله عليكم من حقه وأسبغ عليكم من نعمه، ما لا يحصى ذكره، ولا يؤدى شكره، ولا يبلغه قول ولا صفة، ونحن إنما غضبنا لله ولكم، إنه لم يجتمع قوم قط على أمر واحد إلا اشتد أمرهم، واستحكمت عقدتهم، فاحتشدوا في قتل عدوكم معاوية وجنوده، ولا تخاذلوا، فإن الخذلان يقطع نياط القلوب١، وإن الإقدام على الأسنة نخوة وعصمة، لم يتمنع قوم قط إلا رفع الله عنهم العلة، وكفاهم جوائح الذلة، وهداهم إلى معالم الملة، ثم أنشد:
والصلح تأخذ منه ما رضيت به ... والحرب يكفيك من أنفاسها جرع
١ عرق غليظ نيط به القلب إلى الوتين، جمعه أنوطة. "والوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه جمعه أوتنة".
٢١٥- خطبة الحسين بن علي:
ثم قام الحسين ﵁، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
"يا أهل الكوفة: أنتم الأحبة الكرماء، والشعار١ دون الدثار، جدوا في إطفاء ما وتر٢ بينكم، وتسهيل ما توعر عليكم، ألا إن الحرب وريع٣، وطعمها
١ الشعار: ما يلبس على شعر الجسد، والدثار: ما فوق الشعار من الثياب.
٢ الوتر والترة: الثأر، وتره يتره، ووتره حقه: نقصه إياه، ووتره: أدركه بمكروه.
٣ الوريع: الكاف. أي إن شرها عظيم يدعو الناس إلى أن يكفوا عن خوض غمارها.