ذكرت؛ إذ أنه قد أبان فيه ﵀ هذا الدليل العظيم على وحدانية الله واستحقاقه للعبادة.
ورغم هذا الامتنان من الله على خلقه، ولطفه بهم؛ حيث أنزل الماء بقدر، وأسكنه الأرض، وهو قادر سبحانه على الذهاب به، رغم هذا نجد من يكفر بتلك النعمة ويجحده، وينسب إنزال المطر لغير الله افتراء وبهتانً عليه.
يقول الشيخ ﵀ عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلآ كُفُورًا﴾ ١ مبينًا حال تلك الفئة، ورادًا عليها، ومفندا لأقوالها الردئية: "ولا شك أن من جملة من أبى منهم إلا كفورًا الذين يزعمون أن المطر لم ينزله منزل هو فاعل مختار، وإنما نزل بطبيعته؛ فالمنزل له عندهم: هو الطبيعة، وأن طبيعة الماء المتبخر: إذا تكاثرت عليه درجات الحرارة من الشمس أو الاحتكاك بالريح، وأن ذلك البخار يرتفع بطبيعته، ثم يجتمع، ثم يتقاطر، وأن تقاطره ذلك أمر طبيعي لا فاعل له، وأنه هو المطر. فينكرون نعمة الله في إنزال المطر، وينكرون دلالة إنزاله على قدرة منزله، ووجوب الإيمان به، واستحقاقه وحد للعبادة، فمثل هؤلاء داخلون في قوله: ﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلآ كُفُورًا﴾ ٢، بعد قوله: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا﴾ ٣ وقد صرح في قوله: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ﴾ أنه تعالى هو مصرف الماء ومنزله حيث شاء وكيف شاء. ومن قبيل هذا المعنى: ما ثبت في صحيح مسلم من حديث زيد بن خالد الجهني ﵁ قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه
١ سورة الفرقان، الآيات [٤٨-٥٠] .
٢ سورة الفرقان، الآية [٥٠] .
٣ سورة الفرقان، الآية [٥٠] .