Duties and Rights of Workers in Islamic Law Compared with Palestinian Labor Law
واجبات العمال وحقوقهم في الشريعة الإسلامية مقارنة مع قانون العمل الفلسطيني
Mai Buga Littafi
جامعة القدس
Nau'ikan
المطلب الأول
نظرة الإسلام للعمل والعمال
اهتم الإسلام اهتمامًا بالغًا بالعمل والعمال، وكرّمهم أحسن تكريم، وذلك حينما عدّ العمل دليلًا على القيام بمهام الرسالة التي أمر الله تعالى بها الناس في قوله ﷾: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ (١)، ووجه الاستدلال من هذه الآية الكريمة أن الإنسان حينما يعمل يكون قد أدّى رسالة ربه، وبالعمل كذلك يقوم دعوة الله ﷿ إلى الإعمار والإصلاح.
ومن خلال هذه الدعوة حثّ الإسلام الناس على العمل ورغّب فيه، وحارب الكسل والخمول والاتكال على الغير، وقد ضرب الرسول ﷺ وصحابته الكرام- ﵃ أروع الأمثلة العملية في تطبيق هذا المبدأ فنراه ﷺ ينزل ميادين العمل ويشارك صحابته الكرام في كثيرٍ من المواقف التي تكون بحاجة إلى عمل، كنقله للتراب عندما شرع المسلمون في حفر الخندق (٢) K وحتى يتجلّى هذا الاهتمام الرباني والحث النبوي على العمل وطلب الرزق والخروج سعيًا له، جاءت جملة من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد حرص الإسلام على العمل والاهتمام بالعمال منها:
١. قال الله ﷾: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ (٣) ووجه الاستدلال من هذه الآية الكريمة أن الله تعالى امتن على عباده بأن جعل لهم الأرض مذللة ومنبسطة؛ ليستفيد من فيها بما فيها ويعملوا ليحصلوا الكفاية.
٢. قصّ علينا القرآن الكريم أحوال الأنبياء ﵈ الذين كانوا يحرصون على طلب الرزق والعمل، من أجل كسب الحاجات الأساسية، كموسى ﵊ الذي رعى الغنم على رجل مدين (أجير خاص)، فقال الله ﷾: ﴿قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (٤)، وكذلك نبي الله داود ﵊ الذي كان يعمل صانعًا للدروع من أجل بيعها
_________
(١) سورة هود، آية رقم ٦١.
(٢) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب حفر الخندق ص ٧٤٠ برقم٣٠٣٣، ورواه مسلم في كتاب الجهاد والسير باب غزوة الأحزاب ص (٧٨٠)، رقم ١٨٠٣.
(٣) سورة الملك، آية رقم ١٥.
(٤) سورة القصص، آية رقم ٢٧.
1 / 22