الاتحاد : صيرورة الذاتين أو الذوات واحدة ولا يكون إلا في العدد من اثنين | | فصاعدا . وأما صيرورة شيء عين شيء آخر بأن يكون هناك زيد وعمرو مثلا فيتحدان | بأن يصير زيد بعينه عمر أو بالعكس فممتنع لأنهما بعد الاتحاد إن كانا موجودين كانا | اثنين لا واحدا وإن كان أحدهما فقط موجودا كان هذا فناء لأحدهما وبقاء لآخر وإن | لم يكن شيء منهما موجودا كان هذا فناء لهما وحدوث ثالث والكل بخلاف المفروض . | فإن قلت لا نسلم امتناع الاتحاد بين الشيئين بسند أنهم قائلون بالجعل المؤلف المقتضي | اتحاد المفعولين . قلت الجعل المؤلف هو جعل الشيء شيئا وتصييره إياه وأثره المترتب | عليه هو مفاد الهيئة التركيبية الحملية فمقتضاه الاتحاد الحملي لا الاتحاد العيني بالاسم | والرسم فلا بد أن يكون المفعول الثاني مما يصح حمله على الأول والاتحاد الحملي | ليس معناه صيرورة المحمول عين الموضوع وذاته فإن الحمل عبارة عن اتحاد المتغائرين | ذهنا في الوجود خارجا في نفس وليس معناه أن الوجود قائم بهما بل معناه أن الوجود | لأحدهما بالأصالة وللآخر بالتبع ما يكون منتزعا عنه . فلا يرد أن الوجود عرض وقيام | العرض بمحلين مختلفين ممتنع فكيف يتصور اتحاد المتغائرين في الوجود . ثم اعلم أن | المفعول الثاني إن لم يكن مما يصح حمله على الأول مواطأة فليس هناك الجعل | المؤلف لأن مفاده حينئذ صيرورة شيء عين شيء آخر ولذا قالوا إن الضياء والنور في | قوله تعالى ^ ( جعل الشمس ضياء والقمر نورا ) ^ بمعنى المضيء والمنور . فإن قلت | صيرورة شيء عين شيء آخر جائز بل واقع فإن الماء يصير هواء وبالعكس فامتناع | الاتحاد المذكور ممنوع . قلت صيرورة الماء هواء وبالعكس مجازي لا حقيقي والمحال | هو الاتحاد الحقيقي فإن الاتحاد يطلق مجازا على صيرورة شيء شيئا بطريق الاستحالة | أي التغير والانتقال دفعيا كان أو تدريجيا كما يقال صار الماء هواء والأسود أبيض . | وعلى صيرورة شيء شيئا آخر بطريق التركيب حتى يحصل شيء ثالث كما يقال صار | التراب طينا والخشب سريرا . والاتحاد بهذين المعنيين جائز بل واقع وهذا نبذ مما | حررناه في الحواشي على حواشي الزاهد على الحواشي الجلالية على تهذيب المنطق . |
Shafi 29