Tsarin Malamai
دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت
Lambar Fassara
الأولى، 1421هـ - 2000م
Nau'ikan
بمدرك للكليات لا يفيد المطلوب. كيف فإن عدم إدراك غير الإنسان من الحيوانات للكليات ممنوع نعم إنه غير معلوم لنا وعدم العلم بالشيء لا يستلزم عدمه في نفسه وإن سلمنا ذلك فلا نسلم أنه يلزم من هذا القدر اختصاصه بالإنسان كيف فإنه تعالى مدرك الكليات وكذا العقول المجردة والنفوس الفلكية نعم لو أثبت نفي النطق عما سوى الإنسان لثبت اختصاصه به وأما إثبات هذا بدون ذلك أصعب من خرط القتاد ومع هذا إدراك الكليات عرض كما عرفت فكيف يكون فصلا للجوهر. والحق في الجواب أن المراد بالنطق إدراك الكليات والناطق ليس فصلا قريبا للإنسان في الحقيقة بل فصله القريب الجوهر الذي هو مبدأ الآثار المختصة به كالنطق والتعجب والضحك والكتابة وغير ذلك مما لا يوجد في غير الإنسان فذلك الجوهر هو الفصل في الحقيقة. ولما لم يكن ذلك الجوهر معلوما لنا بكنهه بل بعوارضه المختصة فيدل عليه بأقوى عوارضه وهو النطق الذي بمعنى إدراك الكليات ويشتق منه الناطق ويحمل على الإنسان ويسمى بالفصل مجازا من قبيل إطلاق اسم الشيء على أثره.
وإن أردت تفصيل هذا المجمل فارجع إلى ما فصلناه في الحواشي على حواشي الفاضل اليزدي على تهذيب المنطق ولكن اذكر في هذا المقام نبذا من ذلك المرام.
فأقول إن الصورة النوعية التي هي أمر جوهري وفصل قريب للماهيات ومبدأ للآثار المختصة قد تكون مجهولة بكنهها معلومة بعوارضها المختصة بها وتلك العوارض لا تخلو من أن تكون مترتبة أو لا. فإن كانت مترتبة كالنطق والتعجب والضحك فيؤخذ أقواها وأقدمها كالنطق ويشتق منه محمولا كالناطق ويطلق عليه اسم الفصل تسامحا كما مر. وإن لم تكن مترتبة لعدم ترتبها في نفس الأمر أو بسبب اشتباه تقدم أحدهما على الآخر فيشتق عن كل واحد من تلك الأعراض محمولا ويجعل المجموع قائما مقام ذلك الأمر الجوهر الذي هو فصل حقيقة ويسمى فصلا مجازا كالحساس والمتحرك بالإرادة. فإن الفصل الحقيقي للحيوان هو الجوهر المعروض للحس والحركة الإرادية ولما اشتبه تقدم أحدهما على الآخر اشتق عن كل منهما للدلالة على ذلك الفصل الحقيقي اسم أعني الحساس والمتحرك بالإرادة وجعل المجموع فصلا قائما مقام الفصل الحقيقي للحيوان تسامحا فليس الفصل القريب للحيوان إلا أمر واحد جوهري لا تعدد فيه وإنما التعدد في الدال.
واندفع من هذا البيان عظيم الشأن (الاعتراض المشهور) أيضا بأن الحساس يكفي للفصل فلا حاجة إلى المتحرك بالإرادة ولا يجوز للماهية فصلان في مرتبة واحدة كما لا يجوز جنسان في مرتبة واحدة واندفع أيضا أن للأمر الجوهر الذي هو فصل الإنسان حقيقة عوارض متعددة مختصة به فما الداعي إلى اختيار الناطق منها وقيامه مقامه وتسميته باسمه فصلا وإلا يلزم الترجيح بلا مرجح. ولكن بقي الإشكال بأن إدراك
Shafi 136