148

Hanyoyin Bayan Zamani

دروب ما بعد الحداثة

Nau'ikan

70

لقد اعتمد بارت على ظهور القارئ كشخصية محورية في النقد، وإذا كان - كما يقول بارت - ميلاد القارئ لا يتحقق إلا بموت المؤلف، والذي لم يعد هو مصدر المعنى، فإنه على استعداد لدفع مثل هذا الثمن، ثمن قتل المؤلف.

71

أخيرا، فإن إحدى النتائج الهامة التي يمكن استخلاصها من موقف بارت، خاصة في أعماله المتأخرة، بخصوص النص ودور المؤلف والقارئ، أنه في الوقت الذي كانت ترى فيه البنيوية التقليدية أن الحقيقة قائمة وراء نص ما أو داخله، فإن بنيوية بارت المتأخرة، إذا جاز وصفها بالبنيوية، تبرز أهمية التفاعل بين القارئ والنص في إنتاج الدلالة العامة لأي نص؛ وهكذا أصبحت القراءة إنجازا مبدعا لا يقل أهمية عن عملية الكتابة ذاتها. (1-8) موت المؤلف وجماليات التلقي

كان لأطروحة بارت تأثير كبير على الجماليات بوجه عام وعلى حركة النقد الأدبي على وجه التحديد، خاصة فيما أصبح معروفا الآن بجماليات التلقي. ولعل أهم النتائج التي ترتبت على إعلان بارت موت المؤلف تمثلت في تحرير الفكر النقدي من سلطة الذات ومرجعيتها، وجعل العمل الفني هو المرجعية الوحيدة للناقد، هو المتحدث الأول والأخير.

من بين النتائج العديدة التي نتجت عن إعلان بارت موت المؤلف، والتي كان لها تأثير كبير على نظرية التلقي في نهايات القرن العشرين: (1)

لم يعد العمل الفني موضعا لتسجيل الحدث أو مجالا للتعبير أو انعكاسا وجدانيا. لقد أصبح التعبير الجمالي حالة من حالات التمثيل الخالص للمتلقي. وهنا يمكن القول إن نظرية المحاكاة الكلاسيكية قد ذهبت بلا رجعة؛ إذ لم يعد الفن مرآة تعكس ما هو موجود في الحياة سلفا، كما لم يعد الفن انعكاسا لحياة الفنان وتجاربه. لقد غدا العمل الفني متحررا من كل مرجعية سوى مرجعية ذاته. يموت المؤلف ويتحول التاريخ والموروث إلى نصوص متداخلة، ويتم الاحتفال بمولد القارئ. (2)

تحرر العمل الفني من سيطرة التفسير الأحادي الذي كان مسيطرا على الاتجاهات النقدية الكلاسيكية؛ فالعمل الفني ليس إطارا أو شكلا يملؤه الفنان بمعنى ثابت وسرمدي، بل بنية دلالية افتراضية، محققة من طرف المتلقين المتعاقبين عليه. لقد صار العمل الفني ميدانا للعلامات التي تتفجر إلى ما هو أبعد من المعاني الثابتة، إلى المعاني اللانهائية التي تتحرك منتشرة فوق العمل مخترقة كل الحواجز؛ وهذا ما كان يعنيه بارت بالانتشار

Dissemination . (3)

ليس المعنى هو ذلك المعنى الجاهز المختبئ داخل العمل الفني، بل هو ذلك الذي ينشأ نتيجة للتفاعل بين العمل والمتلقي ؛ أي بوصفه عملا يمكن ممارسته واكتشافه من جديد، وليس موضوعا يمكن تحديده والتقيد به. وبناء على ذلك، فإن قراءة العمل الفني لا تمثل إعادة وتكرارا للقراءات السابقة، بل هي تحتضنها وتتجاوزها إلى قراءة إبداعية مغايرة وبديلة. (4)

Shafi da ba'a sani ba