(أحد الأدباء المجيدين، والشعراء المعدودين)، وممن جمع على شرف المنصب، غرائب العلم والأدب، وتصرف في أنواع الشعر، وأجاد في التشبيهات ووصف الخمر، وأضاف إلى ذلك جودة النثر، (وله تأليفات، وكتب مصنفات، في الرد على العلماء)، وتصنيف الشعراء، (فمن مختار شعره) في التشبيهات والخمر والغزل (قوله):
نعيمي أحلى بتلك الديار ... رواحي إلى لذةٍ وابتكاري
فليت ليالي الصدود الطوال ... فداء ليالي الوصال القصار
زمان أبيت طليق الرقاد ... وأغدو خليا خليع العذار
ولم يكن الهجر مما أخاف ... ولا العاذل الفظ ممن أداري
أسابق صبحي بصبح الدنان ... وأصرف ليلي بصرف العقار
ألا رب يومٍ لنا بالمروج ... بخيل الضياء جواد القطار
كأن الشقيق بها وجنةٌ ... بآخرها لمعةٌ من عذار
وسوسنها مثل بيض القباب ... بأوساطها عمدٌ من نضار
ترى النرجس الغض فوق الغصو ... ن مثل المصابيح فوق المنار
وأترجها كحقاق النضار ... تصفف أو كثدي الجواري
أقمنا نسابق صرف الزمان ... بدارًا إلى عيشنا المستعار
نجيب بصوت القناني القيان ... إذا ما أجابت غناء القماري
وتصبح عيداننا في اصطخاب ... يلد وأطيارنا في اشتجار
نشم الخدود شميم الرياض ... ونجني النهود اجتناء الثمار
ونسقي على النور مثل النجو ... م مثل البدور اعتلت للمدار
عقارًا هي النار في نورها ... فلولا المزاج رمت بالشرار
نعمنا بها وكأن النجوم ... دراهم من فضةٍ في نثار
إذا ما لقيت الليالي بها ... فأنت على صرفها بالخيار
وقال من أخرى في أولها:
شربت على الرياض النيرات ... وتغريد الحمام الساجعات
معتقة ألذ من التصابي ... وأشرف في النفوس من الحياة
تسير إلى الهموم بلا ارتياع ... كما سار الكمي إلى الكماة
وتجري في النفوس شفاء داءٍ ... مجاري الماء في أصل النبات
كأن حبابها شبكٌ مقيمٌ ... لصيد الألسن المتطايرات
لنا من لونها شفق العشايا ... ومن أقداحها فلق الغداة
على روضٍ يدله من رآه ... بأصناف المناظر واللغات
ويبكيه ابتسام الصبح فيه ... ويضحكه عبوس المدجنات
كأن الأقحوان فصوص تبرٍ ... تركب في اللجين موسطات
ونارنجا على الأغصان يحكي ... كؤوس الخمر في أيدي السقاة
إذا ما لم تنعمني حياتي ... فما فضل الحياة على الممات
شربت بسدفةٍ كظلام جدي ... وأحداث الزمان المبهمات
إلى أن بان فتقٌ مثل لفظي ... وأخلاقي الحسان المشرقات
وقوله من أخرى في مثل ذلك، أولها:
أرحت النفس من هم براحٍ ... وهان علي إلحاح اللواحي
وصاحبت المدام وصاحبتني ... على لذاتها وعلى سماحي
فما تبقي على طرب مصون ... ولا أبقي على مالٍ مباح
ثوت في دنها ولها هديرٌ ... هدير الفحل ما بين اللقاح
وصفتها السنون ورققتها ... كما رق النسيم مع الرواح
إلى أن كشفت عنها الليالي ... ونالتها يد القدر المتاح
فأبرزها بزال الدن صرفًا ... كما انبعث النجيع من الجراح
وقوله في الغزل:
قلبٌ يلد بطول الوجد والحرق ... ومقلةٌ تشتفي بالدمع والأرق
من لي بشمس جمالٍ أظلمت أفقي ... عليٍ غمًا وكل الناس في قلق
ثنى أعنة أبصار الأنام لها ... جمالها فهي في درعٍ من الحدق
وقوله:
زارني طيفٌ على وجلٍ ... ساحر الألفاظ والمقل
للضنى حقٌ علي به ... حين أخفاني عن العذل
أنا راضٍ في محبته بالذي يقضي علي ولي
كيف أحيا في هواه وقد ... خلقت عيناه من أجلي
وقوله:
أقمتم وقلبي بكم راحل ... وغبتم وتمثالكم ماثل
وأوهمتموني بطول الجفا ... ء أن ودادي لكم باطل
وأني لأخفي بكم ما لقيت ... مخافة أن يشمت العاذل
إذا سمحت منكم عطفةٌ ... حماها رقيبكم الباخل
كأن نحولي في حبكم ... يباريه وصلكم الناحل
وقوله من قصيدة يفخر فيها، أولها:
1 / 9