لما رأته أسير الحب ذا كلفٍ ... سقته من لحظها كأسًا من الخبل
ترحلت بفؤادي يوم رحلتها ... وخلفتني أسيرًا في يدي أجلي
يقول في مديحها:
وأقصد فتى الجود إسماعيل ممتدحًا ... بخير شعرٍ كنظم الدر منتخل
تنل فلاحًا وتظفر عند رؤيته ... بكل ما تبتغي من صالح الأمل
أغر أبلج إن حال الجواد على ... ضنك الزمان عن المعروف لم يحل
حاز التكرم قدمًا والسماح معًا ... والمجد والفخر عن آبائه الأول
٧٩- محمد بن الفقيه أحمد الكلاعي بن عبد الرحمن
له ترسل ونظم، فمن شعره من قصيدة يمدح فيها الأمير عبد الله بن المعز بن باديس
الله أكبر أودى الجور وانقشعت ... سحب النفاق وزال الحادث النكر
بالأريحي الذي جادت أنامله ... فقصرت عن مداها البجس الغدر
جدوى السحاب إذا جادت هواملها ... ماءً، وجدواه فيما بيننا بدر
لم يلق جيشًا ولم ينهض لمعضلة ... إلا وازره التوفيق والظفر
يا أيها الملك الميمون طائره ... وكاشف الضر عن قوم به انتصروا
غادرت كل عزيز كان ممتنعًا ... ووجهه بين أيدي الخيل منعفر
والبيض تضحك والأعناق قد سفحت ... دمعًا من الدم في الأجساد ينحدر
رميتهم بخميس لو رميت به ... دعائم الدهر كادت منه تنفطر
ما طال بغي أناس قط من بطرٍ ... إلا وأصبح في أعمارهم قصرٌ
إن غرهم منك حلمٌ قد عرفت به ... فالمرخ يضرم نارًا عوده النضر
كأنهم حين مالوا عن سروجهم ... بالطعن شربٌ من الصهباء قد سكروا
٨٠- أبو عبد الله محمد بن أحمد الهاشمي المعروف بابن الخالة
كان عالمًا بالفرائض وعلم الوثائق، وكان يصنع الشعر رياضة لطبعه للتأدب لا للتكسب، فمن شعره قوله:
صددت بوجهي عن حبيبي تسترًا ... وأبديت نكرًا في الهوى وتغيرا
وصرت كمن عن حبه بعد حبه ... تجافاه من فرط الجفاء وأقصرا
وفي كبدي من لاعج الشوق جمرةُ ... غدا لفحها بين الجوانح مضمرا
ثوت بين أضلاعي فخامرت الحشا ... وأذكى جواها جمرها فتسعرا
أحبك حب الماء في أرض قفرة ... بهاجرةٍ ظمآن ظل مهجرا
وإن كنت قد أقصرت عنك لعلةٍ ... فما زلت في عين الضمير مصورا
وإني كمن قد غالب الشوق صبره ... وأورثه الأشجان أن يتصبرا
وكم عذل العذال فيه ولو رأوا ... محياه كانوا، لا محالة، أعذرا
وكم من صحيح أسقمت لحظاته ... وعين امرئٍ نوامة العين أسهرا
كأن عليه من صفاء أديمه ... إذا اللحظ أدماه عقيقًا وجوهرا
٨١- محمد بن أحمد بن يحيى الكاتب
له شعر وكتابة، فمن شعره قوله:
إن يفض دمعي ففي القلب كلوم ... وإذا حل الأسى ليس يريم
أيها المغتر بالدهر اتئد ... هل نعيم فيه أو بؤس يدوم؟
٨٢- الأمير أبو عبد الله محمد ابن الأمير جعفر بن محمد بن الحسن الكلبي
(أحد الأجواد الموصوفين بالكرم) والسخاء والصدق والوفاء، (وله شعر جيد) يدل على علمه وفضله، فمنه قوله:
أما والله والبيت الحرام ... وتربة جعفر القرم الهمام
لقد أورثتني داءً دخيلًا ... أشد علي من وقع الحسام
وله:
إذا لم يكن من قد هويت مواصلي ... فلا خير في عيشٍ لدي يكون
يقولون لي: ما باله عنك معرضًا؟ ... فقلت لهم: دهري علي معين!
٨٣- أبو عبد الله محمد بن الحسن الكاتب المعروف بالرجيني
فاضل، مفيد في العلوم الرياضية، بارع في الأسرار الروحانية، وله نثر وشعر، منه:
يا ليلة البستان والزهر ... ما كنت إلا بيضة العقر
أدركت ما قد كنت آمله ... في ساعةٍ تغني عن الدهر
نفسي الفداء لظبية قذفت ... في القلب نار الشوق والفكر
لا صبر لي عنها وإن ظلمت ... في حكمها والموت في الصبر
وأنفذ إليه أمير من أمراء صقلية ثلجًا في يوم شديد الحر، فكتب إليه:
أتاني، أطال الله عمرك للعلا، ... فأنت لها لا زلت كالسمع والبصر
من الثلج ما داويت حر بلابلي ... به وشفيت النفس من وخز الفكر
1 / 25