95

Durra Gharra

الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

Mai Buga Littafi

مكتبة نزار مصطفى الباز

Inda aka buga

الرياض

كَمَا قَالَ ﵇: " لَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق ". سَأَلَ عمر بن عبد الْعَزِيز ﵀ يَوْمًا أَبَا حَازِم الموعظة، فَقَالَ. لَهُ أَبُو حَازِم: " إِذا نمت فضع الْمَوْت تَحت رَأسك، وكل مَا تخْتَار أَن يَأْتِيك الْمَوْت، وَأَنت مصر عَلَيْهِ فالزمه، وكل مَا لَا تُؤثر أَن يَأْتِيك الْمَوْت، وَأَنت عَلَيْهِ فاجتنبه، فَرُبمَا كَانَ الْمَوْت مِنْك قَرِيبا ". فَيَنْبَغِي لصَاحب الْولَايَة أَن يَجْعَل هَذِه الْحِكَايَة نصب عَيْنَيْهِ، وَأَن يقبل المواعظ الَّتِي وعظ بهَا غَيره، وَكلما رأى عَالما سَأَلَهُ أَن يعظه. وَيَنْبَغِي للْعَالم أَن يعظ الْمُلُوك بِمثل هَذِه المواعظ، وَلَا يغرهم، وَلَا يدّخر عَنْهُم كلمة الْحق، وكل من غرهم فَهُوَ مشارك لَهُم فِي ظلمهم. فَيَنْبَغِي للْملك أَلا يقنع بِرَفْع يَده عَن الظُّلم، لَكِن يَنْبَغِي لَهُ أَن يمْنَع غلمانه، وَأَصْحَابه، وعماله، ونوابه، وَكتابه، وَغَيرهم، من الظُّلم والجور، وَلَا يرضى لَهُم بِمَا يظْلمُونَ، فَإِن الْملك يسئل عَن ظلمهم، كَمَا يسئل عَن ظلم نَفسه. كتب عمر بن الْخطاب ﵁ إِلَى عَامله أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ﵁: " أما بعد: فَإِن أسعد الْوُلَاة من سعدت بِهِ رَعيته، وَإِن أَشْقَى الْوُلَاة من شقيت بِهِ رَعيته، فإياك والتبسط، فَإِن عمالك يقتدون بك، وَإِنَّمَا مثلك مثل دَابَّة رَأَتْ مرعى مخضرا، فَأكلت كثيرا حَتَّى سمنت، فَكَانَ سمنها

1 / 198